١٣٤- (١٠) وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً، تنهسه وتلدغه حتى تقوم الساعة، لو أن تنيناً منها نفخ في الأرض ما أنبتت خضراً)) . رواه الدارمي، وروى الترمذي نحوه، وقال: سبعون بدل تسعة وتسعون.
ــ
أي اطلبوا له منه أن يثبت لسانه وجنانه لجواب الملكين. وعدى بالباء؛ لأنه ضمن السؤال معنى الدعاء، أي ادعوا له بدعاء التثبيت، يعني قولوا: ثبته الله بالقول الثابت، أو اللهم ثبته بالقول الثابت. وهو كلمة الشهادة عند منكر ونكير (فإنه الآن يسئل) أي يسأله الملكان منكر ونكير، فهو أحوج إلى الدعاء. وفي الحديث دليل على مشروعية الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه، وسؤال التثبيت له، وأن دعاء الأحياء ينفع الأموات، وليس فيه دلالة على التلقين عند الدفن كما هو المعتاد في الشافعية، وليس فيه حديث مرفوع صحيح، وأما ما روي في ذلك من حديث أبي أمامة فهو ضعيف لا يقوم به حجة، عزاه الهيثمي للطبراني، وقال: فيه جماعة لم أعرفهم. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) ، فالمراد عند الموت لا عند دفن المبت. (رواه أبوداود) في الجنائز وسكت عليه هو والمنذري، وقال العزيزي: إسناده حسن. وأخرجه أيضاً الحاكم، وقال: صحيح. وأقره الدهبي.
١٣٤- قوله:(تسعة وتسعون) الوقوف على فائدة تخصيص العدد إنما يحصل بالوحي، ويتلقى من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا مجال فيه للعقل (تنيناً) بكسر التاء والنون المشددة، وهي حية عظيمة كثيرة السم، وهذا محمول على الحقيقة، واستحالة ذلك بطريق العقول سبيل من لا خلاق له في الدين، عصمنا الله من عثرة العقل، وفتنة الصدر. (تنهسه) بفتح السين المهملة (وتلدغه) بفتح الدال كلاهما من باب فتح. قيل: النهس واللدغ بمعنى واحد جمع بينهما تأكيداً (لو أن تنيناً منها نفخ في الأرض) أي لو وصل ريح فمه وحرارته إلى الأرض (ما أنبتت) الأرض (خضراً) بفتح الخاء وكسر الضاد، أي نباتاً أخضر (رواه الدارمي) أي بهذا اللفظ في الرقاق من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري، وأخرجه أيضاً أحمد، وأبويعلى، والطبراني في الكبير، وعبد بن حميد، وابن حبان في صحيحه، وسعيد بن منصور في سننه. (وروى الترمذي نحوه) أي بالمعنى من حديث طويل في صفة القيامة من أبواب الزهد، وقال: غريب. قال المنذري: رواه الترمذي والبيهقي كلاهما من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو واهٍ. (وقال سبعون) تنيناً (بدل) بالنصب ظرف (تسعة وتسعون) بالرفع على الحكاية. قيل في وجه الجمع بين العددين: أن الأول للمتبوعين من الكفار، والثاني للتابعين، أو أن سبعين عند العرب للعدد الكثير جداً، أي للمبالغة لا للتحديد فحينئذٍ لا تنافي الأولى؛ لأنها مجملة وتلك مبينة لها. وقيل: يحتمل أن يكون باختلاف أحوالهم. قلت: رواية الترمذي ضعيفة جداً كما عرفت، فلا حاجة إلى تكلف الجمع.