(لتعلموا أنها) أي قرأة الفاتحة على الجنازة. (سنة) وفي رواية للنسائي: فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده فسألته، فقال: سنة وحق. وللحاكم من طريق ابن عجلان: أنه سمع سعيد بن أبي سعيد يقول: صلى ابن عباس على جنازة فجهر بالحمد لله، ثم قال إنما جهرت لتعلمون أنها سنة. والمراد بالسنة: الطريقة المألوفة عنه - صلى الله عليه وسلم - لا ما يقابل الفريضة، فإنه اصطلاح عرفي حادث. قال الأشرف: الضمير المؤنث لقراءة الفاتحة، وليس المراد بالسنة أنها ليست بواجبة بل ما يقابل البدعة، أي أنها طريقة مروية. وقال القسطلاني: إنها أي قراءة الفاتحة في الجنازة سنة. أي طريقة للشارع، فلا ينافي كونها واجبة. وقد علم أن قول الصحابي: من السنة كذا، حديث مرفوع عند الأكثر. قال الشافعي في الأم: وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقولون: السنة إلا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله تعالى-انتهى. وليس في حديث الباب بيان محل القراءة، وقد وقع التصريح به في حديث جابر بلفظ: وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى، أخرجه الشافعي في الأم، ومن طريقه الحاكم (ج١ص٣٥٨) ، ومن طريق الحاكم البيهقي في سننه (ج٤ص٣٩) وسنده ضعيف، وفي حديث أبي أمامة عند النسائي بإسناد على شرط الشيخين بلفظ: قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة. وفي رواية عزاها الحافظ في الفتح لعبد الرزاق والنسائي من حديث أي أمامة قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر، ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يخلص الدعاء للميت، ولا يقرأ إلا في الأولى. قال الحافظ: إسناده صحيح. والحديث دليل على مشروعية قراءة فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة. وقد حكى ابن المنذر ذلك عن ابن مسعود والحسن بن علي وابن الزبير والمسور بن مخرمة، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق، ونقل ابن المنذر أيضاً عن أبي هريرة وابن عمر أنه ليس فيها قراءة، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه وسائر الكوفيين، كذا في النيل. قلت: وممن كان يقرأ أيضاً من الصحابة أبوهريرة وأبوالدرداء وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومن التابعين سعيد بن المسيب والحسن البصري ومجاهد والزهري، كما في المحلى. قال ابن التركماني: ومذهب الحنفية أن القراءة في صلاة الجنازة لا تجب ولا تكره، ذكره القدورى في التجريد-انتهى. ويكره القراءة عند المالكية إلا أن يقصد الخروج من الخلاف. قال الدسوقي: إن قصد بقراءة الفاتحة الخروج من خلاف الشافعي فلا كراهة، لكن لا بد من الدعاء قبلها أو بعدها-انتهى. واستدل مالك بعمل أهل المدينة، إذ قال: قراءة فاتحة الكتاب فيها ليست بمعمول بها في بلدنا بحال. وفيه أن عمل أهل المدينة ليس بحجة شرعية، وإنما الحجة هو قول الله وقول رسوله، على أنه قد روي عن أبي أمامة وسعيد وابن المسيب وغيرهم من علماء المدينة القراءة في الصلاة على الجنازة، وبما روى هو