١٦٦٩- (١٠) وعن عوف بن مالك، قال:((صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه،
ــ
لأعلمكم أنها سنة. وذهب بعضهم إلى أنه يخير بين الجهر والإسرار. وقال بعضهم أصحاب الشافعي: إنه يجهر بالليل كالليلية ويسر بالنهار. قال شيخنا في شرح الترمذي قول ابن عباس: إنما جهرت لتعلموا أنها سنة، يدل على أن جهره كان للتعليم أي لا لبيان أن الجهر بالقراءة سنة، قال: وأما قول بعض أصحاب الشافعي: يجهر بالليل كالليلية فلم أقف على رواية تدل على هذا-انتهى. وهذا يدل على أن الشيخ مال إلى قول الجمهور أن الإسرار بالقراءة مندوب، هذا ورواية ابن عباس عند النسائي بلفظ: فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، تدل على مشروعية قراءة سورة مع الفاتحة في الجنازة. قال الشوكاني: لا محيص عن المصير إلى ذلك؛ لأنها زيادة خارجة من مخرج صحيح. قلت: ويدل عليه أيضاً ما ذكره ابن حزم في المحلى (ج٥ص١٢٩) معلقاً عن محمد بن عمرو بن عطاء أن المسور بن مخرمة صلى على الجنازة، فقرأ في التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة قصيرة رفع بهما صوته فلما فرغ قال: لا أجهل أن تكون هذه الصلاة عجماء ولكن أردت أن أعلمكم أن فيها قراءة. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً الترمذي وأبوداود والنسائي والشافعي وابن حبان والحاكم والبيهقي وابن الجارود.
١٦٦٩- قوله:(فحفظت من دعائه وهو يقول) وفي رواية لمسلم: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلى على جنازة يقول. وفي رواية النسائي: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على ميت فسمعت في دعائه وهو يقول. قال الشوكاني: جميع ذلك يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر بالدعاء، وهو خلاف ما صرح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء وقد قيل إن جهره - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء لقصد تعليمهم، قال: والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان-انتهى. وتأول النووي قوله حفظت من دعائه أي علمنيه بعد الصلاة فحفظته-انتهى. ويرد هذا التأويل قوله في رواية أخرى: سمعته صلى على جنازة يقول. قال الشوكاني: ليس في هذا الحديث تعيين الموضع الذي يقال فيه هذا الدعاء وغيره من الأدعية المأثورة فيقوله المصلي على الجنازة بعد أي تكبيرة أراد-انتهى. وإلى مشروعية الدعاء بعد كل تكبيرة ذهب المالكية وعند الحنابلة والشافعية والحنفية الدعاء بعد التكبيرة الثالثة. (اللهم اغفر له) بمحو السيئات. (وارحمه) بقبول الطاعات. وقال ابن حجر: تأكيد أو أعم. (وعافه) أمر من المعافاة، والهاء ضمير. وقيل: للسكت، والمعنى خلصه من المكروهات. وقال الطيبي: أي سلمه من العذاب والبلايا. (واعف عنه) أي عما وقع منه من التقصيرات. وقال ابن حجر: عافه أي سلمه من كل موذ واعف عنه تأكيداً وأخص أي سلمه من خطر