الكبير أيضاً من حديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا صليتم على الجنازة فاقرؤا بفاتحة الكتاب. قال الهيثمي: وفيه معلى بن حمران ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله موثقون وفي بعضهم كلام، هذا وقد صنف حسن الشرنبلالي من متأخري الحنفية في هذه المسألة رسالة سماها "النظم المستطاب لحكم القراءة في صلاة الجنازة بأم الكتاب"، وحقق فيها أن القراءة أولى من ترك القراءة، ولا دليل على الكراهة، وهو الذي اختاره الشيخ عبد الحي اللكنوي في تصانيفه كعمدة الرعاية والتعليق الممجد وإمام الكلام، ثم إنه استدل بحديث ابن عباس على الجهر بالقراءة في الصلاة على الجنازة؛ لأنه يدل على أنه جهر بها حتى سمع ذلك من صلى معه. وأصرح من ذلك ما ذكرنا من رواية النسائي بلفظ: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده فسألته، فقال: سنة وحق. وفي رواية أخرى له أيضا: صليت خلف ابن عباس على جنازة فسمعته يقرأ فاتحة الكتاب الخ. ويدل على الجهر بالدعاء حديث عوف بن مالك الآتي، فإن الظاهر أنه حفظ الدعاء المذكور لما جهر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة على الجنازة. وأصرح منه حديث واثلة في الفصل الثاني. واختلف العلماء في ذلك، فذهب بعضهم إلى أنه يستحب الجهر بالقراءة والدعاء فيها. واستدلوا بالروايات التي ذكرناها آنفاً. وذهب الجمهور إلى أنه لا يندب الجهر بل يندب الإسرار. قال ابن قدامة: ويسر القراءة والدعاء في صلاة الجنازة، لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافاً-انتهى. واستدلوا لذلك بما ذكرنا من حديث أبي أمامة قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة. الحديث أخرجه النسائي، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (ج٥ص١٢٩) . قال النووي في شرح المهذب: رواه النسائي بإسناد على شرط الصحيحين، وقال: أبوأمامة هذا صحابي-انتهى. وبما روى الشافعي في الأم (ج١ص٢٣٩) ، والبيهقي (ج٤ص٣٩ من طريقه) عن مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال: أخبرني أبوأمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه-الحديث. وضعفت هذه الرواية بمطرف، لكن قواها البيهقي بما رواه في المعرفة والسنن من طريق عبيد الله بن أبي زياد الرصافي عن الزهري بمعنى رواية مطرف، وبما روى الحاكم (ج١ص٣٥٩) ، والبيهقي من طريقه (ج٤ص٤٢) عن شرحبيل بن سعد قال: حضرت عبد الله بن عباس صلى على جنازة بالأبواء فكبر ثم قرأ بأم القرآن رافعاً صوته بها، صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: اللهم عبدك وابن عبدك-الحديث. وفي آخره ثم انصرف, فقال: يا أيها الناس إني لم أقرأ علناً (أي جهراً) إلا لتعلموا أنها سنة. قال الحافظ في الفتح: وشرحبيل مختلف في توثيقه-انتهى. وأخرج ابن الجارود في المنتقى من طريق زيد بن طلحة التيمي قال: سمعت ابن عباس قرأ على جنازة فاتحة الكتاب وسورة وجهر بالقراءة، وقال: إنما جهرت