١٦٧٦- (١٧) وعن أنس، قال:((مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وجبت، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً،
ــ
الإخبار عن قبول شفاعة مائة منع قبول ما دون ذلك. وكذا في الأربعين مع ثلاثة صفوف، وحينئذٍ كل الأحاديث معمول بها، وتحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين-انتهى كلام النووي. وقال التوربشتي في شرح المصابيح: لا تضاد بين حديث عائشة وحديث ابن عباس؛ لأن السبيل في أمثال هذا الحديث إن الأقل من العددين متأخر؛ لأن الله تعالى إذا وعد المغفرة لمعنى واحد لم يكن من سنته أن ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك، بل يزيد عليه فضلاً وتكرماً على عباده. فجعلنا حديث ابن عباس في أربعين متأخراً عن حديث عائشة في المائة للمعنى الذي ذكرنا-انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والنسائي والبيهقي، وروى ابن ماجه بمعناه عن أبي هريرة، ومسلم عن أنس، والطبراني في الكبير عن ابن عمر، وفيه مبشر بن أبي المليح، قال الهيثمي: لم أجد من ذكره.
١٦٧٦- قوله:(مروا) أي الصحابة، وفي رواية مر بضم الميم على البناء للمفعول. (فأثنوا عليها) أي ذكروها بأوصاف حميدة. فقوله: خيراً تأكيد أو دفع لما يتوهم من على (خيراً) صفة لمصدر محذوف فأقيمت مقامه فنصبت أي ثناء حسناً، أو هو منصوب بنزع الخافض أي أثنوا عليها بخير. وفي رواية الحاكم: فقالوا كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها. وقال التي أثنوا عليها شراً فقالوا: كان يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها، ففيه تفسير ما أبهم من الخير والشر في رواية الشيخين. (وجبت) أي ثبتت له الجنة. (ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً) قال الطيبي: استعمال الثناء في الشر مشاكلة أو تهكم-انتهى. قال القاري: ويمكن أن يكون أثنوا في الموضعين بمعنى وصفوا، فيحتاج حينئذٍ إلى القيد، ففي القاموس الثناء وصف بمدح أو ضم أو خاص بالمدح-انتهى. وإنما مكنوا من الثناء بالشر مع الحديث الصحيح في البخاري في النهي عن سب الأموات؛ لأن النهي عن سبهم إنما هو في حق غير المنافقين والكفار وغير المتظاهر بالفسق أو البدعة، فأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بالشر للتحذير من طريقتهم ومن الإقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، وهذا الحديث محمول على أن الذي أثنوا عليه شراً كان مشهوراً بنفاق أو نحوه، قاله النووي. قال الحافظ: يرشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على الذي أثنوا عليه شراً وصلى على الآخر-انتهى. وقيل النهي عن سب الأموات محمول على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه من فساق الأحياء، وقيل: يحتمل أن