للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المذكور، ورد عليه العيني فقال: إنه ليس بتأويل بل تحريف، فإن المفعول المطلق للتشبيه، فقوله "صلاته على الميت" صريح في أنه صلى عليهم، كما يصلى على الجنائز. أقول والصواب، كما قاله النووي. فإني تتبعت الروايات فتبين أن صلاته كانت في السنة التي مات فيها، وكانت في المسجد النبوي، وإليه يشير لفظ البخاري: ثم انصرف إلى المنبر، وأين كان المنبر في أُحد؟ فخروجه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الواقعة إنما هو في المسجد لا إلى أُحد، وإنما أراد بذلك أن يدعوا لهم قبيل خروجه من الدنيا أيضاً لمزيد فضلهم، قال: وسها من زعم أن خروجه كان إلى أحد فإنه بثلاثة أميال عن المدينة-انتهى. وأجابوا عن أحاديث الصلاة على قتلى أحد مع حمزة بأن كلها مدخولة لا يخلو واحد منها عن كلام. قال المجد بن تيمية في المنتقى: وقد رويت الصلاة عليهم بأسانيد لا تثبت-انتهى. وقد أعل الشافعي بعض روايات الصلاة على قتلى أُحد، وعلى حمزة بأنه متدافع، قال في كتاب الأم (ج١ص٣٣٧) : كيف يستقيم أنه عليه السلام صلى على حمزة سبعين صلاة إذا كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم، وشهداء أحد إنما كانوا اثنين وسبعين شهيداً، فإذا صلى عليهم عشرة عشرة فالصلاة إنما تكون سبع صلوات أو ثمانياً، فمن أين جاءت سبعون صلاة؟ وأجيب عنه بأن المراد صلى على سبعين نفساً وحمزة معهم كلهم، فكأنه صلى عليه سبعين صلاة. وأجاب الزيلعي وابن التركماني عنه بوجه آخر. ثم قال الشافعي: وإن كان عني سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع، فهي إذا كانت تسع صلوات تكون ستاً وثلاثين تكبيرة، فمن أين جاءت أربع وثلاثون؟ وأجاب بعض الحنفية عنه بأنه إن كان مراد الإمام الشافعي أن الأمر استقر على أربع تكبيرات في الجنائز فمسلّم، وهذا لا يرد التأويل؛ لأنه ثبت أنه عليه السلام كبر على الجنائز ثلاثاً وأربعاً وخمساً وأكثر من ذلك، وفي جنازة حمزة كبر تسعاً. كما رواه الطحاوي (ص٢٩٠) من حديث عبد الله بن الزبير والطبراني في الكبير والأوسط من حديث ابن عباس. قال الهيثمي: وإسناده حسن وإن أراد أنه عليه السلام لم يكبر على جنازة أكثر من أربع تكبيرات قط، وإنه وإننا متفقان على هذا فهذا ليس بصحيح-انتهى. وأجاب البيهقي عن حديث شداد بن الهاد بأنه يحتمل أن يكون الأعرابي بقي حياً حتى انقضت الحرب ثم مات، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذين لم يصل عليهم بأُحد ماتوا قبل انقضاء الحرب-انتهى. ولا يخفى ما فيه فإنه احتمال غير ناشىء عن دليل فلا يلتفت إليه. وأجاب بعضهم بأنه مرسل؛ لأن شداد بن الهاد تابعي. وفيه أن شدادا هذا صحابي معروف شهد الخندق وما بعدها، فالحديث موصول. وأما حديث أبي سلام الذي استدل به للصلاة على الشهيد، فقال الشوكاني: لم أقف للمانعين من الصلاة على جواب عليه، وهو من أدلة المثبتين؛ لأنه قتل في المعركة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسماه شهيداً وصلى عليه-انتهى. والقول الراجح عندي ما حكي عن أحمد: أن الصلاة على الشهيد مستحبة غير واجبة، وإن صلى عليه كان

<<  <  ج: ص:  >  >>