للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسكت عنه هو والمنذري عن أبي سلام عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: طلب رجل من المسلمين رجلاً من جهينة فضربه فأخطأه وأصاب نفسه بالسيف، فابتدره أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثيابه ودمائه وصلى عليه -انتهى مختصراً. وبما روى النسائي والطحاوي والحاكم والبيهقي عن شداد بن الهاد الليثي الصحابي: أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه ... الحديث، وفيه أنه استشهد فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذهب أحمد في رواية إلى أن الصلاة عليه مستحبة، قال ابن قدامة: صرح بذلك أي بالاستحباب في رواية المروذي فقال: الصلاة عليه أجود وإن لم يصلوا عليه أجزأ- انتهى. وقال ابن حزم: إن صلى على الشهيد فحسن وإن لم يصل عليه فحسن، واستدل بحديثي جابر وعقبة، وقال: ليس يجوز أن يترك أحد الأثرين المذكورين للآخر، بل كلاهما حق مباح، وليس هذا مكان نسخ؛ لأن استعمالهما معاً ممكن في أحوال مختلفة، وأجاب الحنفية عن حديثي جابر وأنس: بأن النفي محمول على نفي الصلاة منفرداً، ولكنه كان يصلي على تسعة تسعة أو عشرة عشرة، وحمزة معهم، كما تدل عليه الروايات، أو المعنى أنه لم يصل على أحد كصلاته على حمزة حيث صلى عليه مراراً لمزيد الرحمة والرأفة والبركة، وصلى على غيره مرة، ثم أعاد الصلاة عليهم بأن صلى عليهم بعد ثمان سنين صلاته على الميت وكان توديعاً لهم. وقال بعضهم: إنه لم يصل عليهم يوم أحد أي حال الوقعة، وعليه يحمل رواية جابر وأنس: ثم صلى عليهم قبيل وفاته، استدراكاً لما فاته كما يشهد له حديث عقبة بن عامر عند البخاري وغيره: أنه صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين، كالمودع للأحياء والأموات، قالوا: ترك الصلاة عليهم يوم أحد لاشتغاله عنهم قلة فراغه لذلك، وكان يوماً صعباً على المسلمين، فعذروا بترك الصلاة عليهم يومئذٍ، قالوا: وتجوز الصلاة على القبر ما لم يتفسخ الميت، والشهداء لا يتفسخون ولا يحصل لهم تغير، فالصلاة عليهم لا تمتنع أي وقت كان. وأجابوا أيضاً بأن أحاديث الصلاة مثبتة والإثبات مقدم على النفي. وأجاب الشافعية عن حديث عقبة بن عامر بأن المراد بالصلاة فيه الدعاء والاستغفار كقوله: {وصل عليهم} لا الصلاة على الميت المعهودة. قال النووي: المراد بالصلاة هنا الدعاء، وأما كونه مثل الذي على الميت، فمعناه أنه دعا لهم بمثل الدعاء الذي كانت عادته أن يدعو به للموتى، والتشبيه لا يقتضي التسوية من كل وجه، فقوله "صلاته على الميت" لا يمنع من حمل الصلاة على الدعاء والاستغفار. قال الأمير اليماني: ويؤيد كونه دعا لهم عدم الجمعية بأصحابه، إذ لو كانت صلاة الجنازة المعهودة لأشعر أصحابه وصلاها جماعة، كما فعل في صلاته على النجاشي، فإن الجماعة أفضل قطعاً، وأهل أحد أولى الناس بالأفضل، ولأنه لم يرو عنه أنه صلى على قبر فرادى. وقال في فيض الباري (ج٢ ص٤٧٨) بعد ذكر التأويل النووي

<<  <  ج: ص:  >  >>