للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: قال لي علي: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)) . رواه مسلم.

١٧١١- (٥) وعن جابر، قال: ((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن يجصص القبر،

ــ

وليس له في مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي إلا هذا الحديث الواحد. (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي ألا أرسلك للأمر الذي أرسلني له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذكر تعديته بحرف "على" لما في البعث من معنى الاستعلاء والتأمير، أي أجعلك أميراً على ذلك، كما أمرني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (أن لا تدع) "أن" مصدرية و "لا" نافية خبر مبتدأ محذوف، أي هو أن لا تدع. وقيل: "أن" تفسيرية و "لا" ناهية أي لا تترك. (تمثالاً) أي صورة، والمراد صورة ذي روح. (إلا طمسته) أي محوته وأبطلته بقطع رأسه وتغيير وجهه ونحو ذلك. (ولا قبراً مشرفاً) بكسر الراء من أشرف إذا ارتفع، والمراد هو الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصا والحجر ليعرف فلا يوطأ، ولا فائدة في البناء عليه فلذلك نهي عنه. (إلا سويته) قال في المجمع: الجمهور على أن الارتفاع المأمور إزالته ليس هو التسنيم، ولا ما يعرف به القبر كي يحترم، وإنما هو ارتفاع كثير تفعله الجاهلية، فإن التسنيم صفة قبره - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وتقدم كلام ابن الهمام بنحو هذا، وفي الأزهار قال العلماء: يستحب أن يرفع القبر قدر شبر، ويكره فوق ذلك، ويستحب الهدم، ففي قدره خلاف، قيل: إلى الأرض تغليظاً، وهذا أقرب إلى اللفظ أي لفظ الحديث من التسوية. وقال الشوكاني في النيل: قوله "ولا قبراً مشرفاً إلا سويته" فيه أن السنة أن لا يرفع القبر رفعاً كثيراً من غير فرق بين من كان فاضلاً ومن كان غير فاضل، والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي ومالك، ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولاً أولياً القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضاً هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعل ذلك. وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم، وشدوا إليها الرحال، وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج١ص٩٦و ١١١و ١٢٩و ١٤٥) والترمذي، وأبوداود، والنسائي، والبيهقي، والحاكم.

١٧١١- قوله: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر) أي عن تجصيص القبر أي بناءه

<<  <  ج: ص:  >  >>