بالقصة. وفي رواية لمسلم: نهى عن تقصيص القبور بالقاف والصاد المهملتين، وهو التجصيص. والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد هي الجص. قال في الأزهار: النهى عن تجصيص القبور للكراهة، وهو يتناول البناء بذلك. وتجصيص وجهه. قلت: الحديث دليل على تحريم تجصيص القبر؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ولا يعرف صارف عن هذا الأصل. قال العراقي: ذكر بعضهم أن الحكمة في النهي عن تجصيص القبور كون الجص أحرق بالنار، وحينئذٍ فلا بأس بالتطيين، كما نص عليه الشافعي، وقال ابن قدامة بعد ذكر هذا الحديث: فيه دليل على الرخصة في تطيين القبر لتخصيصه التجصيص بالنهي، نهى عمر بن عبد العزيز أن يبنى على القبر بآجر فأوصى بذلك، وأوصى الأسود بن يزيد أن لا تجعلوا على قبري آجراً، وقال إبراهيم: كانوا يكرهون الآجر في قبورهم. وقال ابن قدامة: سئل أحمد عن تطيين القبور فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، ورخص في ذلك الحسن والشافعي، وروى أحمد بإسناده عن نافع عن ابن عمر: أنه كان يتعاهد قبر عاصم بن عمر، قال نافع: وتوفي ابن له، وهو غائب، فقدم فسألنا عنه فدللناه عليه فكان يتعاهد القبر ويأمر بإصلاحه، وروي عن الحسن عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يزال الميت يسمع الأذان ما لم يطين قبره. أو قال ما لم يطو قبره-انتهى. وقال الحافظ في التلخيص (ص١٦٥) : ذكر صاحب مسند الفردوس عن الحاكم: أنه روى من طريق ابن مسعود مرفوعاً: لا يزال الميت يسمع الأذان ما لم يطين قبره. وإسناده باطل، فإنه من رواية محمد بن القاسم الطالقاني، وقد رموه بالوضع، قال: وقد روى أبوبكر النجاد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع قبره من الأرض شبراً وطين بطين أحمر من العرصة-انتهى. واختلفت الحنفية في ذلك فكرهه الكرخي. وقال في الفتاوى المنصورية والمضمرات والخانية: لا بأس به. (وأن يبنى عليه) يحتمل أن المراد البناء على نفس القبر ليرتفع عن أن ينال بالوطأ، أو المراد البناء حول القبر مثل أن يتخذ حوله متربة أو مسجد ونحو ذلك. قال العراقي: وعليه حمله النووي في شرح المهذب، وقال التوربشتي: يحتمل وجهين: أحدهما البناء على القبر بالحجارة وما يجرى مجراها، والآخر أن يضرب عليه خباء ونحوه، وكلاهما منهى عنه؛ لأنه من صنيع أهل الجاهلية، ولأنه اضاعة المال. وقال الشوكاني: فيه دليل على تحريم البناء على القبر، وفصل الشافعي وأصحابه فقالوا: إن كان البناء في ملك المباني فمكروه، وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام، ولا دليل على هذا التفصيل. وقد قال الشافعي: رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى، ويدل على الهدم حديث علي المتقدم-انتهى. قلت: الأمر كما قال الشوكاني. (وأن يقعد عليه) بالبناء للمفعول كالفعلين السابقين. قال الطيبي: المراد من القعود هو الجلوس، كما هو الظاهر، وقد نهى عنه لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه المسلم، وحمله جماعة على قضاء الحاجة، والأول هو الصحيح، لما أخرجه الطبراني والحاكم عن عمارة بن حزم قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً على قبر فقال: يا صاحب القبر انزل من على القبر، لا تؤذي صاحب القبر