ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي)) رواه مسلم.
١٧٣١- (٢٥) وعن عبد الله بن عمر، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:((إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه فاتحة البقرة، وعند رجليه بخاتمة البقرة))
ــ
(أقيموا حول قبري) للدعاء بالتثبيت. (قدر ما ينحر جزور) بفتح الجيم وهي من الإبل، قاله النووي. وقال القاري: أي بعير وهو مؤنث اللفظ وإن أريد به المذكر، فيجوز تذكير "ينحر" وتأنيثه. (حتى أستأنس بكم) أي بدعائكم واستغفاركم وسؤالكم التثبيت. (وأعلم) أي من غير وحشة. (ماذا أراجع) أي أجاوب به. (رسل ربي) أي سؤال الملكين. وفي الحديث فوائد: منها إثبات فتنة القبر وسؤال الملكين، وهو مذهب أهل الحق، ومنها استحباب المكث عند القبر بعد دفن لحظة نحو ما ذكر لما ذكر. (رواه مسلم) في كتاب الإيمان في حديث طويل، وأخرجه أيضاً البيهقي (ج٥ص٥٦) .
١٧٣١- قوله:(فلا تحبسوه) أي لا تؤخروا دفنه من غير عذر. قال ابن الهمام: يستحب الإسراع بتجهيزه كله من حين يموت. (وأسرعوا به إلى قبره) هو تأكيد وإشارة إلى سنة الإسراع في الجنازة، وقد سبق الكلام فيه. (وليقرأ) بالتذكير وبسكون اللام ويكسر. (عند رأسه) أي بعد الدفن. (فاتحة البقرة) أي إلى المفلحون. (وعند رجليه بخاتمة) وفي بعض النسخ: خاتمة (البقرة) أي من {آمن الرسول} الخ قال الطيبي: لعل تخصيص فاتحتها لاشتمالها على مدح كتاب الله، وأنه هدى للمتقين الموصوفين بالخلال الحميدة من الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وخاتمتها لاحتوائها على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله. وإظهار الاستكانة وطلبت الغفران والرحمة، والتولي إلى كنف الله تعالى وحمايته-انتهى. وفيه دليل على جواز قراءة أول البقرة وخاتمتها عند القبر بعد الدفن. ويدل عليه أيضاً ما روى البيهقي (ج٤ص٥٦) عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه قال لبنيه: إذا أدخلتموني قبري فضعوني في اللحد، وقولوا: بسم الله وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسُنّوا علي التراب سناً، واقرؤوا عند رأسي أول البقرة وخاتمتها، فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك، وهذا موقوف على ابن عمر، كما ترى، وليس بمرفوع، وكذا الحديث الذي نحن في شرحه، كما سيأتي، ونقل الزيلعي حديث عبد الرحمن بن العلاء عن الطبراني بلفظ: عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال لي أبي اللجلاج أبوخالد: يا بني إذا أنا مت فالحد لي، فإذا وضعتني في اللحد فقل: باسم الله وعلى ملة رسول الله ثم شن التراب على شناً، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -