والداعي محمد، فمن أطاع محمد فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس)) . رواه البخاري
١٤٥- (٦) وعن أنس قال: ((جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أخبروا بها كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال أحدهم: أما أنا
ــ
فالله هو الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول. وفي حديث ابن مسعود عند أحمد: أما السيد فهو رب العالمين، وأما البنيان فهو الإسلام، والطعام الجنة، ومحمد الداعي، فمن اتبعه كان في الجنة. (فمن أطاع) الفاء للسبية أي لما كان هو الداعي فمن أطاع (محمد فقد أطاع الله) أي لأنه رسول صاحب المأدبة، فمن أجابة ودخل في دعوته أكل من المأدبة. وهو كناية عن دخول الجنة، وفي رواية الترمذي: وأنت يا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها. (ومحمد فرق بين الناس) روى مشدداً على صيغة الفعل الماضي، ومخففاً أي بسكون الراء والتنوين على المصدر، وصف به للمبالغة كالعدل، أي هو الفارق بين المؤمن والكافر، والصالح والطالح، إذ به تميزت الأعمال والعمال، وهذا كالتذييل للكلام السابق؛ لأنه مستمل على معناه ومؤكد له، وفي تمثيل الملائكة إيقاظ للسامعين من رقدة الغفلة وسنة الجهالة، وحث لهم على الاعتصام بالكتاب والسنة، والإعراض عما يخالفهما من البدعة والضلالة. (رواه البخاري) في الاعتصام، وأخرجه أيضاً الترمذي في الأمثال من غير طريق البخاري، وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد والترمذي وصححه، وابن خزيمه، وعن ربيعة الجرشي عند الدارمي والطبراني بسند جيد، وسيأتي في الفصل الثاني.
١٤٥- قوله:(ثلاثة رهط) بسكون الهاء، وهي العصابة دون العشرة، وقيل: دون الأربعين. اسم جمع لا واحد له من لفظه، والمراد ثلاثة أنفس، وهم علي، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون، كما في مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق. وقيل: المقداد بدل عبد الله بن عمرو. (يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي في البيت وفي السر، والمراد معرفة قدر عادة وظائفه في كل يوم وليلة حتى يفعلوا ذلك. (فلما أخبروا) على صيغة المجهول أي أخبرتها (بها) أي بعبادته (كأنهم تقالّوها) بتشديد اللام المضمومة، تفاعل من القلة أي عدوها قليلة لما في نفوسهم أنها أكثر مما أخبروا به بكثير. (أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي بيننا وبينه بون بعيد، فإنا على صدد التفريط وسوء العاقبة، وهو معصوم مأمون الخاتمة، واثق بقوله تعالى:{ليغفرالله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر}[٢:٤٨] . (وقد غفر الله له) أي فمن لم يعلم بحصول ذلك له يحتاج إلى المبالغة في العبادة عسى أن يحصل بخلاف من حصل له، لكن بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك ليس بلازم، فأشار إلى هذا بأنه أشد خشية، وذلك بالنسبة لمقام العبودية في جانب الربوبية (فقال أحدهم أما أنا)