للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو يرحم، وإن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)) . متفق عليه.

١٧٣٩- (٤) وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)) .

ــ

سواء من الجزع والنوح. (أو يرحم) أي بهذا إن قال خيراً واستسلم لقضاء الله. ويحتمل أن يكون معنى قوله "أو يرحم" أي إن لم ينفذ الوعيد. (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) يأتي الكلام فيه في الفصل الثالث من هذا الباب. وفي هذا الحديث من الفوائد: استحباب عيادة المريض، وعيادة الفاضل للمفضول، والإمام لأتباعه مع أصحابه، وفيه النهي عن المنكر، وبيان الوعيد عليه، وجواز البكاء عند المريض، وجواز إتباع القوم للباكي. (متفق عليه) إلا أن قوله: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه" في هذا الحديث من زيادات البخاري، والحديث أخرجه البيهقي أيضاً.

١٧٣٩- قوله: (ليس منا) أي من أهل سنتنا وطريقتنا، وليس المراد به إخراجه عن الدين، إذ المعاصي لا يكفر بها عند أهل السنة، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته لست منك ولست مني، أي ما أنت على طريقتي. وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل، أي أنه خرج من فرع من فروع الدين وإن كان معه أصله. قال الحافظ في الفتح: ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبرئ المذكور في حديث أبي موسى الآتي حيث قال: أنا بريء ممن حلق الخ. وأصل البراءة الانفصال من الشيء، وكأنه توعده بأن لا يدخله في شفاعته، وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكان السبب في ذلك ما تضمنه ذلك من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح باستحلاله مع العلم بتحريم السخط مثلاً بما وقع فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين. قال: وحكي عن سفيان الثوري: أنه كان يكره الخوض في تأويله ويقول: ينبغي أن يمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر-انتهى. (من ضرب الخدود) خص الخد بذلك لكونه الغالب في ذلك وإلا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك، وإنما جمع وإن كان ليس للإنسان إلا خدان فقط باعتبار إرادة الجمع، فإن من مفرد اللفظ مجموع المعنى فيكون من مقابلة الجمع بالجمع. وأما على قوله تعالى: {وأطراف النهار} [طه:١٣٠] . وقول العرب: شابت مفارقه، وليس إلا مفرق واحد. (وشق الجيوب) بضم الجيم جمع جيب بفتح الجيم، وهو الخرق الذي يخرج الإنسان منه رأسه في القميص ونحوه، من جابه أي قطعه. (ودعا بدعوى الجاهلية) في رواية مسلم بدعوى أهل الجاهلية وهي زمان الفترة قبل الإسلام، أي دعا بدعائهم بأن قال عند البكاء ما لا يجوز شرعاً مما يقول به أهل الجاهلية، كالدعاء بالويل والثبور وكواكهفاه واجبلاه. وعمومه يشمل الذكر والأنثى،

<<  <  ج: ص:  >  >>