١٧٣٨- (٣) وعن عبد الله بن عمر، قال:((اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غاشية، فقال: قد قضى؟ قالوا: لا، يا رسول الله! فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه
ــ
البكاء من غير نوح ونحوه. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجنائز والطب والنذور والتوحيد، ومسلم في الجنائز. وأخرجه أيضاً أبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
١٧٣٨- قوله:(اشتكى) أي مرض. (شكوى) بغير تنوين، مصدر أو مفعول به أي مرضاً. (له) أي حاصلاً له. (يعوده) حملة حالية أي يقصد عيادته. (في غاشية) بمعجمتين. قال الخطابي: هذا يحتمل وجهين أن يراد به القوم الحضور عنده الذين هم غاشيته، أي يغشونه للخدمة، وأن يراد ما يتغشاه من كرب الوجع الذي به. ويؤيده ما وقع في رواية مسلم: في غشية، وورد في بعض روايات البخاري: في غاشية أهله، وهذا يأبى المعنى الثاني، ولا يتأتى ذلك إلا على رواية العامة بإسقاط أهله. وقال التوربشتي في شرح المصابيح: الغاشية الداهية من شر أو مرض أو مكروه، والمراد به ههنا ما كان يتغشاه من كرب الوجع الذي فيه لا حال الموت؛ لأنه بريء من ذلك المرض وعاش بعده زماناً. (فقال) - صلى الله عليه وسلم -. (قد قضي) على بناء المفعول بحذف همزة الاستفهام، أي أقد خرج من الدنيا، ظن أنه قد مات فسأل عن ذلك. (فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي رحمة عليه. (فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم -) في نسبة البكاء إلى الروية إشارة إلى أنه لم يكن إلا الدمعة. (بكوا) في هذا إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه، ولم يعترضه بمثل ما اعترض به هناك، فدل على أنه تقرر عنده العلم بأن مجرد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضر. (ألا تسمعون، إن الله) بكسر الهمزة استئنافاً؛ لأن قوله "تسمعون" لا يقتضي مفعولاً؛ لأنه جعل كاللازم، فلا يقتضى مفعولاً، أي ألا توجدون السماع، كذا قرره البرماوي والحافظ، كالكرماني، وقد تعقبه العيني، فقال: ما المانع أن يكون بالفتح في محل المفعول لتسمعون، وهو الملائم لمعنى الكلام-انتهى. قال القسطلاني: لكن الذي في روايتنا بالكسر. قال الحافظ: وفيه إشارة إلى أنه فهم من بعضهم الإنكار، فبين لهم الفرق بين الحالتين. (ولكن يعذب بهذا) أي إن قال