للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيلج النار إلا تحلة القسم)) .

ــ

أولاد البنات، وزاد في الرواية الآتية: لم يبلغوا الحنث، وسيأتي الكلام فيه. (فيلج النار) أي فيدخلها من الولوج وهو الدخول، وهو منصوب بأن المقدرة، تقديره فإن يلج النار؛ لأن الفعل المضارع ينصب بعد النفي بأن المقدرة بعد الفاء، لكن حكى الطيبي منعه عن بعضهم معللا بأن شرط ذلك أن يكون ما قبل الفاء سبباً لما بعدها، ولا سببية هنا؛ لأنه ليس موت الأولاد، ولا عدمه سبباً لولوج أبيهم النار بل سبباً للنجاة منها وعدم الدخول فيها، وبيان ذلك أنك تعمد إلى الفعل الذي هو غير موجب فتجعله موجباً، وتدخل عليه إن الشرطية وتجعل الفاء وما بعدها من الفعل جواباً، كما تقول في قوله تعالى: {ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي} [طه:٨١] أن تطغوا فيه، فحلول الغضب حاصل، وفي قوله: "ما تأتينا فتحدثنا أن تأتنا"، فالحديث واقع وهنا إذا قلت: إن يمت لمسلم ثلاثة من الولد فولوج النار حاصل لم يستقم. قال الطيبي: فالفاء هنا بمعنى الواو التي للجمع، وهي تنصب المضارع بعد النفي كالفاء، والمعنى لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من أولاده وولوجه النار إلا تحلة القسم لا محيد عن ذلك إن كانت الرواية بالنصب، وإن كانت الرواية بالرفع على أن الفاء عاطفة للتعقيب فمعناه: لا يوجد ولوج النار عقب موت الأولاد إلا تحلة القسم أي مقداراً يسيراً، ومعنى فاء التعقيب كمعنى الماضي في قوله تعالى: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} [الأعراف: ٤٤] في أن ما سيكون بمنزلة الكائن وأن ما أخبر به الصادق عن المستقبل كالواقع. وقال الحافظ: أن السببية. (أي في صورة النصب) حاصلة بالنظر إلى الاستثناء؛ لأن الاستثناء بعد النفي إثبات، فكان المعنى أن تخفيف الولوج مسبب عن موت الأولاد وهو ظاهر؛ لأن الولوج عام تخفيفه يقع بأمور منها موت الأولاد بشرطه-انتهى. وتعقبه السندي في حاشية البخاري بما فيه تأمل. وأجاب ابن الحاجب والدماميني عن الإشكال المذكور بوجه آخر، ذكره القسطلاني. (إلا تحلة القسم) بفتح المثناة الفوقية وكسر المهملة وتشديد اللام، والقسم بفتح القاف والسين أي ما تنحل به اليمين، وهو مصدر حلل اليمين أي كفرها. قال أهل اللغة: يقال فعلته تحلة القسم، أي لم أفعله إلا بقدر ما حللت به يميني ولم أبالغ. وقال الخطابي: حللت القسم تحلة أي أبررتها. وقال الجزري في النهاية: تقول العرب ضربه تحليلاً ضربه تعزيراً إذا لم يبالغ في ضربه، وهذا مثل في القليل المفرط في القلة، وهو أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه المقدار الذي يبر به قسمه، مثل أن يحلف على النزول بمكان، فلو وقع به وقعة خفيفة أجزأته، فتلك تحلة قسمه، فالمعنى لا بدخل النار إلا دخولاً يسيراً مثل تحلة قسم الحالف، ويريد بتحلته الورود على النار والاجتياز بها، والتاء في التحلة زائدة-انتهى. قال القرطبي: اختلف في المراد بهذا القسم، فقيل هو معين، وقيل غير معين، فالجمهور على الأول، والمراد قسم الله تعالى على ورود جميع الخلق النار، فيردها بقدر ما يبر الله تعالى قسمه ثم ينجو، وقيل: لم يعن به قسم بعينه، وإنما معناه التقليل لأمر ورودها، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>