للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

((لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه، إلا دخلت الجنة. فقالت امرأة منهن: أو اثنان يا رسول الله! قال: أو اثنان)) .

ــ

استحضار القضية لا أن هناك خصوصية. (من الولد) بفتحتين وهو يشمل الذكر والأنثى والمفرد والجمع. (فتحتسبه) وفي رواية البيهقي: فتحتسبهم. قال القاري: بالرفع لا غير، أي تطلب بموته ثواباً عند الله بالصبر عليه. قال الطيبي: أي فتصبر راجية لرحمة الله وغفرانه. وليس هذه الفاء كما في "فيلج" بل هي للتسبب بالموت، وحرف النفي منصب على السبب والمسبب معاً-انتهى. قال الباجي: بيان لصفة من يؤجر بمصابه في ولده، وهو أن تحتسبهم، وأما من لم يحتسبهم ولم يرض بأمر الله فيه فإنه غير داخل في هذا الوجه-انتهى. والاحتساب عند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم والصبر، وذكر المصنف هذا الحديث لقوله: فتحتسبه، فجعله تفسيراً للحديث قبله. وقد ورد التقييد بذلك في أحاديث أخرى، ذكرها الحافظ في الفتح، ثم قال: وقد عرف من القواعد الشرعية أن الثواب لا يترتب إلا على النية، فلابد من قيد الاحتساب، والأحاديث المطلقة محمولة على المقيدة-انتهى. (إلا دخلت الجنة) أي دخولاً أولياً، وهو لا ينافي الولوج تحلة القسم، والاستثناء من أعم الأحوال. (فقالت امرأة منهن) الظاهر أنها أم سليم الأنصارية والدة أنس بن مالك، كما رواه الطبراني بإسناد جيد عنها أو أم مبشر الأنصارية. رواه الطبراني أيضاً من حديث جابر، ويحتمل أن يكون كل منهما سأل عن ذلك في ذلك المجلس، ويحتمل التعدد، والله تعالى أعلم. وجاءت روايات أخرى نسب فيها السؤال إلى غيرهما كأم أيمن وعائشة وأم هاني وجابر وعمر رضي الله عنهم. (أو اثنان) عطف تلقين، أي هل يمكن أن تقول أو اثنان. وفي رواية: واثنان. قال العيني عطف على ثلاثة، ومثله يسمى بالعطف التلقيني، أي قل يا رسول الله: واثنان، ونظيره قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: {ومن ذريتي} [البقرة:١٢٤] . وقال الحافظ: أي وإذا مات اثنان ما الحكم؟ فقال: واثنان، أي وإذا مات اثنان فالحكم كذلك. (قال: أو اثنان) قال العيني: أي أو إن وجد اثنان فكالثلاثة، وفيه التسوية بين حكم الثلاثة والاثنين. قال ابن بطال: وكأنه أوحي إليه بذلك في الحال، ولا يبعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين، ويحتمل أن يكون كان العلم عنده حاصلاً لكنه أشفق عليهم أن يتكلوا؛ لأن موت الاثنين غالباً أكثر من موت الثلاثة، ثم لما سئل عن ذلك لم يكن بد من الجواب، وهل يدخل في الحكم المذكور الولد الواحد؟ فالظاهر أنه نعم؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث الصريحة كحديث ابن عباس في الفصل الثاني من هذا الباب، وحديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعاً: صغارهم دعاميص الجنة، يلقى أحدهم أباه فيأخذ بناحية ثوبه فلا يفارقه حتى يدخله الجنة، وحديث قرة المزني عند أحمد، وحديث علي عند ابن ماجه، وحديث معاذ بن جبل عند أحمد، وحديث ابن مسعود عند الترمذي، وابن ماجه وستأتي هذه الأحاديث في الفصل الثالث، وكحديث جابر بن سمرة عند الطبراني، وفيه ناصح بن عبد الله وهو ضعيف جداً، قاله الحافظ في

<<  <  ج: ص:  >  >>