للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٥٥- (٢٠) وعن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها قالت: سمعت عائشة، وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه، تقول: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية يبكى عليها، فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها)) .

ــ

١٧٥٥- قوله: (وعن عمرة) بفتح العين المهملة وسكون الميم. (بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، ثقة من أوساط التابعين، كانت في حجر عائشة، أكثرت عنها. قال ابن المديني: عمرة أحد الثقات العلماء بعائشة، الأثبات فيها. وقال ابن حبان: كانت من أعلم الناس بحديث عائشة. وقال سفيان: أثبت حديث عائشة حديث عمرة والقاسم وعروة، ماتت قبل المائة، وقيل بعدها. (وذكر) بصيغة المجهول. (لها) أي لعائشة. (إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه) أي سواء كان الباكي من أهل الميت أم لا، فليس الحكم مختصاً بأهله، وقوله "ببكاء أهله عليه" في الرواية الآتية خرج مخرج الغالب؛ لأن المعروف أنه إنما يبكي على الميت أهله. ووقع في بعض طرق حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة "من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه"، فرواية الباب عامة في البكاء، وهذه الرواية خاصة في النياحة، فيحمل المطلق على المقيد، وتكون الرواية التي فيها مطلق البكاء محمولة على البكاء بنوح. ويؤيد ذلك إجماع العلماء على حمل ذلك على البكاء بنوح. ومما يدل على أنه ليس المراد عموم البكاء قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمر: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه. فقيد ببعض البكاء، فحمل على ما فيه نياحة جمعاً بين الأحاديث. قال الشوكاني: حكى النووي إجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم أن المراد بالبكاء الذي يعذب الميت عليه هو البكاء بصوت ونياحة لا بمجرد دمع العين. (تقول) حال من عائشة. وقيل: مفعول ثان لـ"سمعت" وما بينهما جملة معترضة. (يغفر الله لأبي عبد الرحمن) كنية عبد الله بن عمر، قدمته تمهيداً أو دفعاً لمن يوحش من نسبته إلى النسيان والخطأ، قال الله تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة:٤٣] ، فمن استغرب من غيره شيئاً ينبغي أن يوطئ ويمهد له بالدعاء إقامة لعذره فيما وقع منه، وإنه لم يتعمد، ومن ثم زادت على ذلك بياناً واعتذاراً بقولها: (أما) بالتخفيف للتنبيه أو للافتتاح، يؤتي بها لمجرد التأكيد. (أنه) أي ابن عمر. (ولكنه نسي) أي مورده الخاص. (أو أخطأ) أي في إرادته العام. (يبكى عليها) بصيغة المجهول وفي رواية: يبكي عليها أهلها. (إنهم) أي اليهود. (وإنها) أي اليهودية. (لتعذب في قبرها) أي لكفرها في حال بكاء أهلها عليها لا بسبب البكاء. قال القاري: ولا يخفى أن هذا الاعتراض وارد لو لم يسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>