للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم. فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق)) . متفق عليه.

١٤٩- (١٠) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثلي كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها، جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم

ــ

(وكذبت) التكذيب يستتبع العصيان. (فأصبحوا مكانهم) أي دخلوا وقت الصباح في مكانهم (فصبحهم الجيش) أي أتاهم صباحاً للغارة، هذا أصله ثم كثر استعماله حتى استعمل في من طرق بغتة في أي وقت كان. (واجتاحهم) بالجيم في الأولى، والمهملة في الثانية، أي استأصلهم وأهلكهم بالكلية بشئوم التكذيب. (فذلك مثل من أطاعني ... ) إلخ، قيل: هذا من التشبيهات المفروقة، شبه ذاته - صلى الله عليه وسلم - بالرجل، وما بعثه الله به من إنذار القوم بعذاب الله القريب، بإنذار الرجل قومه بالجيش المصبح، وشبه من أطاعه من أمته ومن عصاه، بمن صدق الرجل في إنذاره وكذبه. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الرقاق، وفي الاعتصام، ومسلم في الفضائل.

١٤٩- قوله: (استوقد) أي أوقد، وزيدت السين للتأكيد. (أضاءت) الإضافة فرط الإنارة (ماحولها) هذه رواية مسلم، والضمير للنار، و"أضاءت" متعدية أي أضاءت النار جوانب تلك النار، وفي رواية البخاري "ماحوله" فالضمير للمستوقد، ويجوز أن تكون أضاءت غير متعدية فيسند الفعل إلى "ما" على تأويل: أضاءت الأماكن التي حول النار أو حول المستوقد. قال القاري: ما ظهر لي وجه عدول صاحب المشكاة إلى رواية مسلم عن رواية البخاري مع كونها أصح، ومع ثبوت موافقتها للفظ القرآن الأفصح، ودلالتها على المقصود بالطريق الأوضح، مع قوله: في آخر الحديث: هذه رواية البخاري - انتهى. (جعل) أي شرع (الفراش) بفتح الفاء وتخفيف الراء دوبية طير تتساقط في النار، يقال في الفارسية: بروانة. (وهذه الدواب) قيل: عطف تفسير للفراش، وأنثه نظر لخبره أو لكون الفراش اسم جنس. وقال ابن الملك: إشارة إلى غير الفراش (التي تقع في النار) أي عادتها إلقاء نفسها في النار، كالبرغش والجندب ونحوهما. (يقعن) أي الفراش والدواب (وجعل) المستوقد (يحجز هن) بضم الجيم، أي يمنعهن من الوقوع فيها. وفي البخاري "يزعهن" بالتحتانية والزاي وضم المهملة أي يدفعهن (ويغلبنه) أي على الوقوع فيها. (فيتقحمن فيها) أي يدخلن فيها بشدة ومزاحمة، من التقحم، وهو الإقدام والوقوع في أمر شاق من غير روية وتثبت، وفي البخاري "فيتقحمن" من الاقتحام. (فأنا) الفاء فصيحة، أي إذا صح هذا التمثيل بأنى كالمستوقد وأنتم كالفراش فيما ذكر فأنا (آخذ) اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال، ويروى بصيغة المضارع من المتكلم، والأول أشهر وهما صحيحان. (بحجزكم) بضم الحاء وفتح الجيم، جمع الحجزة، وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>