١٧٧٩- (٣) وعن بريدة، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر: السلام عليكم أهل الديار
ــ
والمنذري في مختصر السنن، والنابلسي في الذخائر (ج٤:ص٩١) والنووي في شرح مسلم. قال ميرك: حديث أبي هريرة في زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه ذكره الحافظ الكبير أبوالحجاج المزي في الأطراف، وهو لم يوجد في نسخ رواياتنا بالصحيح المشرقية. قال النووي في شرحه: هذا الحديث وجد في رواية أبي العلاء ابن ماهان لأهل المغرب، ولا يوجد في نسخة بلادنا من طريق عبد الغافر بن محمد الفارسي-انتهى. وقد رواه محي السنة من طريق عبد الغافر من صحيح مسلم، فلعله يوجد في بعض النسخ، ولولا ذلك لم يذكره المزي في الأطراف-انتهى.
١٧٧٩- قوله:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم) أي الصحابة. (إذا خرجوا إلى المقابر) أي للزيارة أن يقولوا عند وصولهم إليها: (السلام عليكم) قال الطيبي: في محل النصب على أنه مفعول ثان لـ"يعلم"، أي يعلمهم كيفية التسليم على أهل المقابر، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يؤخرون السلام. قال الحماسي:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ... ورحمته ما شاء أن يترحما
فخالفهم وقدم السلام. قال الخطابي: فيه أن السلام على الموتى كما هو على الأحياء في تقديم الدعاء على الاسم أي في ابتداء السلام، ولا يقدم الاسم على الدعاء كما يفعله العامة، وكذلك في كل دعاء بخير. قال الله تعالى:{رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}[هود:٧٣] وقال سبحانه وتعالى {سلام على إلياسين}[صافات:١٣٠] . ولا يعارض هذا حديث جابر بن سليم عند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: عليك السلام، فقال: لا تقل: عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت؛ لأن فيه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات وإخباراً عن الواقع لا المشروع، أي أن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحيا بتحية الأموات، والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات. وسيأتي بسط الكلام عليه في شرح حديث جابر بن سليم في باب فضل الصدقة. والذي في مسلم: كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: السلام عليكم ... الخ. وفي ابن ماجه: كان قائلهم يقول، أي بغير الفاء. قال السندي: قوله "كان قائلهم يقول" بدل من قوله "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم" للتنبيه على أنهم كانوا يعلمون بما يعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والمراد أنه كان يعلمهم هذا الذكر، وكانوا يأتون به-انتهى. وذكره الجزري (ج١١:ص٤٤٢) نقلاً عن مسلم والنسائي بلفظ: كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم. (أهل الديار) بالنصب بتقدير حرف النداء. ويؤيده ما في الرواية الآتية بياء النداء. وقيل: نصبه على الاختصاص أفصح، وبالجر على البدل من الضمير. قال الطيبي: سمى - صلى الله عليه وسلم - موضع القبور داراً تشبيهاً له بدار الأحياء