١٧٨٨- (٢) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها،
ــ
أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه وإن كان كافراً، رواه أحمد من حديث أنس، قاله العيني. وقال الحافظ: والمراد أنها مقبولة، وإن كان عاصياً، كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعاً: دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه. وإسناده حسن. وليس المراد أن الله تعالى حجاباً يحجبه عن الناس. وقال الطيبي: قوله "اتق دعوة المظلوم" تذييل لاشتماله على الظلم الخاص من أخذ الكرائم وعلى غيره، وقوله "فأنه ليس بينها وبين الله حجاب" تعليل للاتقاء وتمثيل للدعاء، كمن يقصد دار السطان متظلماً، فلا يحجب عنه -انتهى. قال ابن العربي: هذا الحديث، وإن كان مطلقاً فهو مقيد بالحديث الآخر إن الداعي على ثلاث مراتب، إما أن يجعل لهما ما طلب وإما أن يدخر له أفضل منه، وإما أن يدفع عنه من السوء مثله، وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى:{أمن يجيب المضطر إذا دعاه}[النمل: ٦٢] بقوله تعالى: {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء}[الأنعام: ٤١] تنبيه لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج مع أن بعث معاذ كما تقدم كان في آخر الأمر. وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، ولهذا كررا في القرآن، وبأنهما إذا وجبا على المكلف لايسقطان عنه أصلاً بخلاف الصوم فإنه قد يسقط بالفدية والحج، فإن الغير قد يقوم مقامه فيه كما في المعضوب، وقال السندي: هذا الحديث ليس مسوقاً لتفاصيل الشرائع بل لكيفية الدعوة إلى الشرائع إجمالاً. وأما تفاصيلها فذاك أمر مفوض إلى معرفة معاذ، فترك ذكر الصوم والحج لا يضر، كما لا يضر، ترك تفاصيل الصلاة والزكاة -انتهى. وأجاب البلقيني بنحوه وبسط فيه ذكره الحافظ في الفتح، والسيوطي في حاشية النسائي (متفق عليه) أخرجه البخاري في الزكاة وفي المظالم والمغازي والتوحيد، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضا الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي كلهم في الزكاة، وأخرجه أيضا أحمد (ج١:ص٢٣٣) .
١٧٨٨- قوله:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها) قال التوربشتي في شرح المصابيح: ذكر جنسين من المال: ثم قال لا يؤدي منها حقها، ذهاباً إلى أن الضمير إلى معنى الذهب والفضة دون لفظهما لأن كل واحد منهما جملة وافية ودنانير ودراهم. ويحتمل أن يراد بها الأموال ويحتمل أنه أراد بها الفضة واكتفى يذكر أحدهما كقول القائل: