للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا رأيت)) ، وعند مسلم: ((رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سماهم الله، فاحذروهم)) . متفق عليه.

١٥٢- (١٣) وعن عبد الله بن عمرو قال: ((هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، قال: فسمع أصوت رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرف في وجهه الغضب، فقال: إنما هلك من كان قبلكم

ــ

يشتهونه، ويوافق مذاهبهم الفاسدة {وما يعلم تأويله إلا الله} أي والحال أنه ما يعلم تأويله أي ما هو الحق، أو حقيقته إلا الله {والراسخون في العلم} مبتدأ، أي الثابتون في علم الدين، الكاملون فيه {يقولون} خبر {آمنا به} أي بالمتشابه به، ووكلنا علمه إلى عالمه {كل} أي من المتشابه والمحكم {من عند ربنا} أي نزل من عنده وهو حق وصواب {ومايذكر إلا أولو الألباب} [٧:٣] أي العقول الخالصة وهم الراسخون في العلم، الواقفون عند متشابهه، العاملون بمحكمه بما أرشدهم الله إليه في هذه الآية. وحكمة وقوع المتشابه فيه إعلام للعقول بقصورها لتستسلم لبارئها، وتعترف بعجزها، وتسلم من العجب والغرور والتكبر والتعزز. (فإذا رأيت) بفتح التاء، على الخطاب العام أي أيها الرأي. ولهذا جمعه في "فاحذروهم" وحكى بالكسر على أنها خطاب لعائشة بياناً لشرفها وغزارة علمها، وإن كان الخطاب عاماً. (وعند مسلم رأيتم) أي بدل "رأيت" وهو يؤيد الأول (فأولئك) بفتح الكاف وقيل بالكسر (الذين سماهم الله) بأهل الزيغ أو زائغين بقوله: {في قلوبهم زيغ} (فاحذورهم) أي لا تجالسوهم، ولا تكالموهم أيها المسلمون، فإنهم أهل البدعة، فيحق لهم الإهانة. وقيل: أمر بالحذر منهم احترازاً عن الوقوع في عقيدتهم، فالمقصود التحذير من الإصغاء إليهم. قال النووى: في الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ وأهل البدع، ومن يتبع المشكلات للفتنة. فأما من سأل عما أشكل عليه للاسترشاد، وتلطف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب. وأما الأول فلا يجاب بل يزجر ويعزر كما عزر عمر بن الخطاب صبيغ بن عسل حين كان يتبع المتشابه - انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في التفسير، ومسلم في القدر، وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي في التفسير، وأبوداود، وابن ماجه في السنة.

١٥٢- قوله: (هجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بالتشديد، أي أتيته في الهاجرة أي الظهيرة. قال المظهر: التهجير السير في الهاجرة، وهي شدة الحر، ولعل خروجه في هذا الوقت ليدركه - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه من الحجرة فلا يفوته شيء من أقواله وأفعاله (فسمع) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجرته (اختلفا) صفة "رجلين" أي تنازعا واختصما (في آية) أي في معنى آية متشابه، ويحتمل أن يكون اختلافهما في لفظهما اختلاف قراءة. (يعرف) على بناء المجهول (في وجهه الغضب) الجملة حالية من فاعل "خرج"، وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب لفنسه، وإنما كان يغضب لله فضغب ههنا زجراً عن المراء في القرآن (إنما هلك من كان قبلكم)

<<  <  ج: ص:  >  >>