١٥٣- (١٤) وعن سعيد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم على الناس، فحرم من أجل مسألته))
ــ
من اليهود والنصارى (باختلافهم في الكتاب) أي المنزل على نبيهم، وإنما كان الاختلاف سبباً للهلاك؛ لأنه من أمارات التردد في أمر المبعوث به، وإساءة الأدب بين يديه. قال النووى: المقصود من الحديث التحذير عن اختلاف يؤدي إلى الكفر والبدعة كاختلاف اليهود والنصارى، وذلك مثل الاختلاف في نفس القرآن، أو فى معنى منه لا يسوغ الاجتهاد فيه، أو فيما يوقع في شك وشبهة، أو فتنة وخصومة، أو شحناء، ونحو ذلك. وأما الاختلاف لإظهار الصواب، وإيضاح الخطاء، وإحقاق الحق، وإزهاق الباطل فليس منهياً عنه، بل هو مأمور به، وقد أجمع المسلمون عليه من عهد الصحابة إلى الآن -انتهى كلام النووى مختصراً. (رواه مسلم) في القدر، وأخرجه أيضاً النسائي، وأخرج البخاري عن ابن مسعود نحوه في الأشخاص وفي فضائل القرآن.
١٥٣- قوله:(وعن سعد بن أبي وقاص) بتشديد القاف، واسم أبي وقاص، مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، يكنى سعد أبا إسحاق الزهرى القرشي المدني، أسلم قديماً وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان سابع سبعة في الإسلام، وروي عنه أنه قال: كنت ثالث الإسلام. وأول من رمى بسهم في سبيل الله، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد، وهو أحد العشرة المبشرة وآخرهم موتاً. وأحد ستة الشورى، وفارس الإسلام، ومقدم جيوش الإسلام في فتح العراق، وجمع له النبي - صلى الله عليه وسلم - أبويه، وحرس النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكوف الكوفة وطرد الأعاجم، وافتتح مدائن فارس، وهاجر قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان مجاب الدعوة، مشهوراً بذلك، تخاف دعوته، وترجى لاشتهار إجابتها. له مائتا حديث وخمسة عشر حديثاً، اتفقا عليها، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بثمانية عشر، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين. مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة. وحمل على رقاب الرجال إلى المدينة. ودفن بالبقيع سنة (٥٥) وقيل (٥٦) وقيل (٥٧) وله بضع وسبعون سنة. (في المسلمين) أي في حقهم وجهتهم (جرماً) تمييز أي ذنباً وظلماً، والمعنى: أن أعظم من أجرم من المسلمين جرماً كائنا في حق المسلمين، فقوله:"في المسلمين" حال عن "جرماً" مقدمة عليه (من سأل) أي نبيه (لم يحرم) صفة لشيء. (على الناس) هذا لفظ مسلم في رواية، وفي رواية أخرى له "على المسلمين"(فحرم) بصيغة المجهول من التحريم (من أجل مسألته) أي لأجل سؤاله. قال الخطابي، والتيمي: هذا الحديث في حق من سأل تكلفاً وعبثاً، أو تعنتاً في ما لا حاجة له به إليه، فأما من سأل لضرورة فيما يحتاج إليه من أمر الدين، بأن وقعت له نازلة فسأل عنها فلا إثم عليه، ولا عتب، كسؤال عمر وغيره من الصحابة في أمر الخمر حتى حرمت بعد ما كانت حلالاً؛ لأن الحاجة دعت إليه، وسبب تخصيصه ثبوت الأمر بالسؤال مما يحتاج إليه لقوله:{فاسئلوا أهل الذكر}[٧:٢١] فكل من الأمر