للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أفرج عنكم، فانطلق فقال: يا نبي الله! إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال: إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث، وذكر كلمة لتكون لمن بعدكم، فقال: فكبر عمر، ثم قال له: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرأ؟

ــ

ناقة كناز مكتنزة اللحم. وقيل: الكنز المال المدفون معروف تسمية بالمصدر والجمع كنوز وأكتنز الشيء اجتمع وامتلأ ومال مكنوز أي مجموع (كبر) بضم الباء أي شق وأشكل (ذلك) أي نزول الآية أو ظاهر الآية من العموم (على المسلمين) لأنهم حسبوا أنه يمنع جمع المال مطلقاً وأن كل من تأثل مالاً جل أو قل فالوعيد لاحق به (أنا أفرج عنكم) بتشديد الراء أي أزيل هذه الشدة عنكم وآتى بالفرج لكم فإنه ليس عليكم في الدين من حرج (فانطلق) أي فذهب عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال) وفي بعض نسخ أبي داود: فانطلقوا فقالوا (يا نبي الله إنه) أي الشأن (كبر) أي عظم وصعب (على أصحابك هذه الآية) أي حكمها والعمل بها لما فيها من عموم منع الجمع (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إلا ليطيب) من التفعيل أي ليحل الله بأداء الزكاة لكم (ما بقي من أموالكم) قال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} -[التوبة: ١٠٣] ومعنى التطييب إن أداء الزكاة إما أم يحل ما بقي من ماله المخلوط بحق الفقراء، وإما أن يزكيه من تبعه ما لحق به من إثم منع حق الله تعالى، وحاصل الجواب أن المراد بالكنز منع الزكاة لا الجمع مطلقاً، ولعل في الآية في قوله تعالى: {ولا ينفقونها في سبيل الله} -[التوبة: ٣٤] إشارة إليه بأن المراد بالإنفاق إعطاء الزكاة لا إنفاق المال كله. قال الحافظ: المراد بسبيل الله في الآية المعنى الأعم لا خصوص أحد السهام الثمانية التي هي مصارف الزكاة وإلا لاختص بالصرف إليه بمقتضي هذه الآية (وإنما فرض المواريث) عطف على قوله: " إن الله لم يفرض الزكاة" قال الطيبي: كأنه قيل إن الله لم يفرض الزكاة إلا لكذا ولم يفرض المواريث إلا ليكون طيباً لمن يكون بعدكم، والمعنى لو كان الجمع محظوراً مطلقاً لما افترض الله الزكاة ولا الميراث (وذكر كلمة) من كلام الراوي أي أن ابن عباس أي وذكر - صلى الله عليه وسلم -: كلمة أخرى بعد المواريث لم أحفظها، والجملة معترضة بين الفعل وعلته وهو قوله (لتكون) أي وإنما فرض المواريث لتكون الأموال بالميراث طيبة (لمن بعدكم) وفي النسخ التي بأيدينا من سنن أبي داود وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم أي بدون قوله: "وذكر كلمة" ورواه البيهقي بلفظ: وإنما فرض المواريث في أموال تبقى بعدكم (فقال) أي ابن عباس (فكبر عمر) أي فرحاً على كشف المعضلة (ثم قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (له) أي لعمر (ألا أخبرك) يحتمل أن تكون للتنبيه وأن تكون الهمزة الاستفهامية ولا نافية (بخير ما يكنز المرأ) أي بأفضل ما يقتنيه ويتخذه لعاقبته ولما بين أن لا وزر في جمع المال بعد أداء

<<  <  ج: ص:  >  >>