للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)) .

ــ

الزكاة ورأى فرحهم بذلك ورغبهم عن ذلك إلى ما هو خير وأبقى وهو التقلل والاكتفاء بالبلغة (المرأة الصالحة) أي الجميلة ظاهراً وباطناً. قال الطيبي: المرأة مبتدأ والجملة الشرطية خبره، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف. والجملة الشرطية بيان (إذا نظر) أي الرجل (سرته) أي جعلته مسروراً بجمال صورتها وحسن سيرتها وحصول حفظ الدين بها (وإذا أمرها) بأمر شرعي أو عرفي (أطاعته) وخدمته (حفظته) أي حقوقه في نفسها وماله وولده وبيته. قال القاضي: لما بين لهم - صلى الله عليه وسلم - أنه لا حرج عليهم في جمع المال وكنزه ما داموا يؤدون الزكاة ورأى استبشارهم به ورغبهم عنه إلى ما هو خير وأبقى وهي المرأة الصالحة الجميلة فإن الذهب لا ينفعك إلا بعد الذهاب عنك وهي ما دامت معك تكون رفيقك تنظر إليها فتسرك وتقضي عند الحاجة إليها وطرك وتشاورها فيما يعن لك فتحفظ عليك سرك وتستمد منها في حوائجك فتطيع أمرك وإذا غبت عنها تحامى مالك وتراعي عيالك ولو لم يكن لها إلا أنها تحفظ بذرك وتربي زرعك فيحصل لك بسببها ولد يكون لك وزيراً في حياتك وخليفة بعد وفاتك لكان بذلك فضل كثير- انتهى. وأعلم أنه ذهب أكثر العلماء إلى أن الكنز المذموم ما لم تؤد زكاته وإن لم تدفن فإن أديت فليس بكنز مذموم وإن دفن ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من أهل الزهد كأبي ذر. قال ابن عبد البر: وردت عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز يذم فاعله وأن آية الوعيد نزلت في ذلك وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم وحملوا الوعيد على مانعي الزكاة وأصح ما تمسكوا به حديث طلحة وغيره في قصة الأعرابي حيث قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع- انتهى. والظاهر أن ذلك كان في أول الأمر كما سيأتي عن ابن عمر, وقد استدل له ابن بطال بقوله تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} -[البقرة: ٢١٩] أي ما فضل عن الكفاية فكان ذلك واجباً في أول الأمر ثم نسخ والله أعلم، وفي المسند من طريق يعلي بن شداد بن أوس عن أبيه قال كان أبوذر يسمع الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه ثم يرخص فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يسمع الرخصة ويتعلق بالأمر الأول. قال الحافظ: والصحيح أن إنكار أبي ذر كان على السلاطين الذين يأخذون المال لأنفسهم ولا ينفقونه في وجهه، وتعقبه النووي بالإبطال لأن السلاطين حينئذٍ كانوا مثل أبي بكر وعمر وعثمان وهؤلاء لم يخونوا. قلت: لقوله محمل وهو أنه أراد من يفعل ذلك وإن لم يوجد حينئذٍ من يفعله- انتهى كلام الحافظ. قلت: ويشهد لما ذهب إليه الجمهور ما رواه أحمد في الزهد والبخاري وابن مردوية والبيهقي عن ابن عمر قال إنما هذا كان قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة جعلها الله طهرة للأموال- الحديث. وفي الباب عن جابر أخرجه الحاكم بلفظ: إذا أديت زكاة مالك فقد أذهبت عنك شره ورجح أبوزرعة والبيهقي وقفه

<<  <  ج: ص:  >  >>