في الفتح قال القاضي عياض وغيره كان أهل الردة ثلاث أصناف: صنف عادوا إلى عبادة الأوثان. وصنف تبعوا مسيلمة والأسود العنسي، وكان كل منهما ادعى النبوة قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - فصدق مسيلمة أهل اليمامة وجماعة غيرهم، وصدق الأسود أهل صنعاء وجماعة غيرهم، فقتل الأسود قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقليل، وبقي بعض من آمن به فقاتلهم عمال النبي - صلى الله عليه وسلم - في خلافة أبي بكر، وأما مسيلمة فجهز إليه أبوبكر الجيش، وعليهم خالد بن وليد فقتلوه. وصنف الثالث استمروا على الإسلام لكنهم جحدوا الزكاة وتأولوا بأنها خاصة بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم الذين ناظر عمر أبابكر في قتالهم كما وقع في حديث الباب. قال الخطابي في المعالم (ج٢ ص٤) : وهؤلاء أي الصنف الثالث في الحقيقة أهل بغي وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصاً لدخولهم في غمار أهل الردة فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما وأرخ مبدأ قتال أهل البغي بأيام علي بن أبي طالب إذ كانوا متفردين في زمانه لم يختلطوا بأهل شرك وقد كان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم في ذلك كبني يربوع فإنهم قد جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة عن ذلك وفرقها فيهم- انتهى. وقال أبومحمد بن حزم في الملل والنحل (ج٢ ص٧٩- ٨٠) : انقسمت العرب بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -. أربعة أقسام: طائفة ثبتت على ما كانت عليه في حياته من الإسلام ولم تبدل شيئاً ولزمت طاعة أبي بكر وهم الجمهور والأكثر. وطائفة بقيت على الإسلام أيضاً إلا أنهم قالوا نقيم الصلاة وشرائع الإسلام إلا إنا لا نؤدي الزكاة إلى أبي بكر ولا نعطي طاعة لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان هؤلاء كثيراً إلا أنهم دون من ثبت على الطاعة أي قليل بالنسبة إلى الطائفة الأولى وطائفة ثالثة أعلنت بالكفر والردة كأصحاب طليحة وسجاح وسائر من ارتدوهم قليل بالإضافة إلى من قبلهم إلا أنه كان في كل قبيلة من المؤمنين من يقاوم المرتدين. وطائفة رابعة توقفت فلم تدخل في أحد من الطوائف المذكورة ولم تطعهم وبقوا يتربصون لمن تكون الغلبة فأخرج إليهم أبوبكر البعوث وكان فيروز ومن معه غلبوا على بلاد الأسود وقتلوه وقتل مسيلمة باليمامة وعاد طليحة إلى الإسلام وكذا سجاح ورجع غالب من كان ارتد إلى الإسلام فلم يمض عام واحد حتى راجع الجميع الإسلام أولهم عن آخرهم وإنما كانت نزعة من الشيطان كنار اشتعلت فأطفأ الله للوقت- انتهى. قال الحافظ وإنما أطلق الكفر ليشمل الصنفين فهو في حق من جحد الزكاة حقيقة وفي حق الآخرين أي الذين منعوا الزكاة مع الاعتراف مجاز تغليباً وإنما قاتلهم الصديق ولم يعذرهم بالجهل؛ لأنهم نصبوا القتال فجهز إليهم من دعاهم إلى الرجوع فلما أصروا قاتلهم - انتهى. قال الخطابي في المعالم (ج٢ ص٥) زعم زاعمون من الروافض أن أبابكر أول من سمي المسلمين