أقوال أبي حنيفة، وكان يقول أولاً بما ذهب إليه مالك، ثم رجع وقال بما ذهب إليه أبويوسف والشافعي، ثم رجع وقال ليس في الفصلان والعجاجيل والسخال صدقة. قال الخطابي: وهذا أظهر أقاويله، وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل، وحكى ذلك عن سفيان الثوري. قلت: الحنابلة موافقون في ذلك للشافعي. قال الموفق في المغنى: السخلة لا تؤخذ في الزكاة لقول عمر لساعيه: اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم ولا نعلم فيه خلافاً إلا أن يكون النصاب كله صغاراً فيجوز أخذ الصغيرة في الصحيح من المذهب، وإنما يتصور ذلك بأن يبدل كباراً بصغار في أثناء الحول أو يكون عنده نصاب من الكبار فتوالد نصاب من الصغار ثم تموت الأمهات وتحول الحول على الصغار. وقال أبوبكر: لا يؤخذ أيضاً إلا كبيرة تجزيء في الأضحية، وهو قول مالك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما حقنا في الجذعة والثنية" ولنا قول الصديق رضي الله عنه"والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليها "فدل على أنهم كانوا يؤدون العناق، ولأنه مال تجب فيه الزكاة من غير اعتبار قيمته، فيجب أن يأخذ من عينه كسائر الأموال. والحديث محمول على ما فيه كبار- انتهى. واستدل لأبي حنيفة ومحمد بأن النصاب إنما يعرف بالنص، والنص ورد بإسم الإبل والبقر والغنم، وهذه الاسامي لا تتناول الفصلان والعجاجيل والحملان أي السخال، فلم يثبت كونها نصاباً وأجاب المانعون عن قول أبي بكر الصديق بأنه خرج على طريق التمثيل لا التحقيق أي لو وجبت هذه ومنعوها لقاتلتهم أو على المبالغة دون التحقيق بدليل ما في الرواية الأخرى "عقالاً" مكان "عناقاً" فإن العقال ليس من الصدقة، كما أن العناق ليس من سن الزكاة، وبأن المراد بالعناق فيه الجذعة والثنية مجازاً، فلا يستلزم أخذ الصغار ولو سلم جاز أخذها بطريق القيمة لا أنها هي نفس الواجب، وبأن معناه كانوا يؤدون عنها ما يجوز أداءه ويشهد له قول عمر اعدد عليهم السخلة ولا تأخذها. والقول الراجح عندي هو ما ذهب إليه الشافعي وأبويوسف لظاهر قول أبي بكر الصديق قال ابن رشد وهو الأقيس- انتهى. وما ذكره المانعون للجواب عن قول الصديق تكلف كله لا يخفى ذلك على من تأمل وانصف، هذا وقوله:"عناقاً" إنما هو للبخاري ولفظ مسلم "عقالاً" بكسر العين بدل العناق وكذا عند الترمذي والبخاري في رواية. ووقع عند أبي داود والنسائي كلا اللفظين، واختلف في رواية العقال فقيل هي وهم، وإلى ذلك أشار البخاري في "باب الإقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من كتاب الاعتصام، وقيل: الرواية محفوظة، ولها معنى متجه وجرى النووي على طريقته. فقال: هو محول على أن أبابكر قالها مرتين. مرة عناقاً ومرة عقالاً، فروى عنه اللفظان. قال الحافظ: هو بعيد مع اتحاد المخرج والقصة، واختلف في المراد بالعقال، قال في النهاية أراد بالعقال: الحبل الذي يعقل به البعير الذي كان يؤخذ في الصدقة، لأن على صاحبها التسليم وإنما يقع القبض بالرباط. وقيل: أراد ما يساوي عقالاً من حقوق الصدقة. وقيل: إذا أخذ المصدق أعيان الإبل،