والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ــ
المال يشير إلى دليل منع التفرقة التي ذكرها أن حق النفس الصلاة، وحق المال الزكاة فمن صلى عصم نفسه ومن زكى عصم ماله فإن لم يصل قوتل على ترك الصلاة ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهراً وإن نصب الحرب لذلك قوتل. وهذا يوضح أنه لو كان سمع الحديث ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة لما احتاج إلى هذا الاستنباط لكنه يحتمل أن يكون سمعه واستظهر بهذا الدليل النظري - انتهى. قلت: هذا الاحتمال الأخير هو الراجح عندي لما روى النسائي والحاكم والبيهقي من حديث أنس قال لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت العرب، فقال عمر يا أبابكر كيف تقاتل العرب: فقال أبوبكر: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وإني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة- الحديث. ورجاله رجال الصحيح إلا عمران أبوالعوام وهو صدوق بهم كما في التقريب، وقال النسائي عمران القطان ليس بالقوى في الحديث، وهذا الحديث خطأ والذي قبله الصواب حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد غير أن الشيخين لم يخرجا عن عمران القطان وليس لهما حجة في تركه فإنه مستقيم الحديث، وكذا قال الذهبي في تلخيصه: وقد ظهر بهذا وبما تقدم قبله أن أبابكر الصديق احتج على عمر بالنص الصريح وبعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - إلا بحقه وبمقايسة الزكاة بالصلاة وبكونهما فقرينتين في كتاب الله تعالى (والله لو منعوني عناقاً) بفتح العين وتخفيف النون وهي الأنثى من الأولاد المعز دون السنة (كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال الخطابي: فيه دليل على وجوب الصدقة في السخال والفصلان والعجاجيل وإن واحدة منها تجزيء عن الواجب في الأربعين، ومنها إذا كانت كلها صغاراً ولا يكلف صاحبها مسنة، وفيه دليل على أن حول النتاج حول الأمهات، ولو كان يستأنف بها الحول لم يوجد السبيل إلى أخذ العناق. وقال عياض: احتج بذلك من يجيز أخذ العناق في زكاة الغنم إذا كانت كلها سخالاً، وهو أحد الأقوال. قال النووي: هو محمول على ما إذا كانت الغنم صغاراً كلها بأن ماتت أمهاتها في بعض الحول، فإذا حال حول الأمات زكى السخال الصغار بحول الأمهات سواء بقي من الأمهات شيء أم لا، هذا هو الصحيح المشهور، ويتصور ذلك أيضاً فيما إذا مات معظم الكبار وحدثت صغار فحال حول الكبار على بقيتها وعلى الصغار- انتهى. قلت: اختلف العلماء فيما إذا كانت الغنم سخالاً كلها أو كانت الإبل فصلاناً والبقر عجاجيل. فقال مالك: عليه في الغنم جذعة أو ثنية، وعليه في الإبل والبقر ما في الكبار منها، وهو قول زفر وأبي ثور وأبي عبيد. وقال أبويوسف: والأوزاعي والشافعي يؤخذ منها إذا كانت صغاراً من كل صنف واحد منها، وهو مذهب البخاري في الغنم حيث ترجم لحديث الباب بقوله: "باب أخذ العناق في الصدقة. وقال أبوحنيفة ومحمد: لا شيء في الفصلان ولا في العجاجيل ولا في صغار الغنم لا منها ولا من غيرها، وهذا آخر