للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صدقة،

ــ

من ثمر بالثاء ذات النقط الثلاث (صدقة) أي زكاة والمراد بها العشر، أو نصف العشر. قال الحافظ: لفظ"دون" في مواضع الثلاثة من الحديث بمعنى أقل لا أنه نفي عن غير الخمس الصدقة كما زعم بعض من لا يعتد بقوله، والمعنى إذا خرج من الأرض أقل من ذلك في المكيل فلا زكاة عليه فيه وبه أخذ الجمهور وخالفهم أبوحنيفة. قلت: هذا الحديث صريح في أن النصاب شرط لوجوب العشر أو نصف العشر، فلا تجب الزكاة في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق، وهذا مذهب أكثر أهل العلم. وبه قال صاحبا أبي حنيفة محمد وأبويوسف رحمهم الله تعالى، وهو الحق والصواب، وذهب أبوحنيفة إلى أنه لا يشترط النصاب لوجوب الزكاة في ما يخرج من الأرض، فيجب عنده العشر أو نصف العشر في كثير الخارج وقليله، وهو قول إبراهيم النخعي ومجاهد وعمر بن عبد العزيز. أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن عمر بن عبد العزيز، قال: فيما أنبتت الأرض من قليل أو كثير العشر، وأخرج نحوه عن مجاهد، وإبراهيم النخعي. وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً عن هؤلاء نحوه. واستدل لهم بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة: ٢٦٨] وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: فيما سقت السماء والعيون: أكان عثرياً العشر. وما سقي بالنضح نصف العشر، أخرجه البخاري من حديث ابن عمر وسيأتي. قالوا: إن الآية والحديث عام، فإن كلمة "ما" من ألفاظ العموم فتشمل ما يكون قدر خمسة أوسق أو أقل أو أكثر. وتعقب بأن الآية مبهمة، وكذا حديث ابن عمر مبهم، وحديث أبي سعيد مفسر، والزيادة من الثقة مقبولة،؟ فيجب حمل المبهم على المفسر والمبين يعنى أن الآية وحديث ابن عمر عام يشمل النصاب ودونه وحديث أبي سعيد خاص بقدر النصاب فيقضي الخاص على العام أي يبني العام على الخاص. وأجاب بعض الحنفية عن هذا التعقب بأن محل ذلك إذا كان البيان وفق المبين لا زائداً عليه ولا ناقصاً عنه، أما إذا بقي شيء من أفراد العام فإنه يتمسك به كحديث أبي سعيد هذا، فإنه دل على النصاب فيما يقبل التوسيق وسكت عما لا يقبله، فيتمسك بعموم قوله عليه السلام: فيما سقت السماء العشر. وأجاب القائلون بالنصاب عن هذا الجواب بما روى مرفوعاً "لا زكاة في الخضروات" رواه الدارقطني من طريق علي وطلحة ومعاذ مرفوعاً. قال الترمذي: لا يصح فيه شيء إلا مرسل موسى بن طلحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو دال على أن الزكاة إنما هي فيما يكال مما يدخر للإقتيات في حال الاختيار، وهذا قول مالك والشافعي. وعن أحمد يخرج من جميع ذلك ولو كان لا يقتات، وهو قول محمد وأبي يوسف. وأجاب الحنفية عن التعقب المذكور بوجوه غير ما تقدم. منها. أن حديث الأوساق من أخبار الآحاد فلا يقبل في معارضه الكتاب والخبر المشهور. وفيه أنه ليس فيه شائبة المعارضة بل هو بيان المقدار ما يجب فيه العشر،

<<  <  ج: ص:  >  >>