اليوم فجائز أن يكون ما روى من تقدير الخمسة الأوسق كان معتبرً في تلك الحقوق وإذا احتمل ذلك لم يجز تخصيص الآية والأثر المتفق عليه على نقله به- انتهى. وقال العيني (ج٩ ص٧٥) نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصدقة ولم ينف العشر وقد كان في المال صدقات نسختها آية الزكاة والعشر ليس بصدقة مطلقة، إذ فيه معنى المؤنة وفيه أن النسخ لا يثبت بالاحتمال والتجويز والإدعاء وفيه أيضاً ما قال الشيخ محمد أنور بعد ذكر الوجوه الثلاثة الأخيرة) ، ويرد على هذه الأجوبة كلها ما عند الطحاوي (ج١ ص٣١٥) ما سقت السماء أو كان سيحاً أو بعلاً ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق- الحديث. وإسناده قوى، فإنه يدل على أن الحديث (أي حديث أبي سعيد وما في معناه) في العشر لا في الصدقات المتفرقة كما ذهب إليه العيني (والجصاص) ولا من باب التجارة كما اختاره صاحب الهداية كذا في فيض الباري (ج٣ ص٤٦) قلت: رواية الطحاوي هذه أخرجها الحاكم (ج١ ص٣٩٥) والطبراني والبيهقي (ج٤ ص٨٩، ١٨٠) أيضاً كلهم من حديث عمرو ابن حزم مطولاً وقد ذكرنا طرفاً منه. قال البيهقي: حديث مجود الإسناد ورأه أبوزرعة الرازي وأبوحاتم الرازي وعثمان بن سعيد الدارمي وجماعة من الحفاظ موصول الإسناد حسناً وروى البيهقي عن أحمد بن حنبل أنه قال: أرجو أن يكون صحيحاً- انتهى. وبسط الحافظ الكلام في إسناده هذا الحديث في ترجمة سليمان بن داود الخولاني الدمشقي من تهذيبه من أحب الوقوف عليه رجع إليه، وسيأتي أيضاً شيء من الكلام فيه في بيان نصاب الذهب، وقد جمع كما ترى حديث عمرو من حزم معنى حديث ابن عمر وحديث أبي سعيد، فدل على أنه لا تعارض بينهما خلافاً لما زعمت الحنفية وبطل به ما ذهبوا إليه من تقديم حديث ابن عمر وجعله متأخراً احتياطاً ولبطلان هذه الأجوبة. وجوه أخرى لا تخفى على المصنف. ومنها ما قال صاحب العرف الشذى: أن حديث الأوساق محمول على العرية، والعرية تكون فيما دون خمسة أوسق فلما أعطى رجل ما خرج من أرضه بطريق العرية فلا زكاة عليه فيما أعرى، لأنه مثل من وهب بجميع ماله أو بعضه أنه لا زكاة عليه فيما وهب فصح أنه لا عشر فيما دون خمسة أوسق؛ لأنها عرية، قال وعلي أن المذكور في الحديث حكم العرية قرائن. منها، أن في الصحيحين أن العرية إنما تكون إلى خمسة أوسق فالمتبادر أن في حديث أبي سعيد أيضاً حكم العرية، والمراد أن ما دون خمسة أوسق يؤدنه ديانة فيما بينهم وبين الله ولا يجب رفعه إلى بيت المال فإنه يؤدي إلى المعرى له ثم لما أداه بجميعه فتأدى زكاته أيضاً، فمراد الحديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، أي لا يجب رفعه إلى بيت المال، وحاصله أن النفي في حديث أبي سعيد ليس لثبوت النصاب في الثمار والزرع وأن ما دون خمسة أوسق يبقى في بيته لا تجب فيه فريضة الله أي للعشر، بل لأنه يتصدق فيها بنفسه فلا تؤخذ منه صدقة ترفع إلى بيت المال، فالنفي باعتبار رفعها إلى بيت المال لا لعدم وجوبها، وما حديث ابن عمر فبيان للواجب في نفس الأمر سواء رفع إلى بيت المال أو أمر باداءه بنفسه فلا تعارض أصلاً. قال ومنها رواية الطحاوي (ص٣١٥) عن مكحول بإسناد جيد مرسلاً، خففوا في الصدقات فإن في المال