للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متيقن وما تناوله العام ظاهر مظنون والمتيقن أولى، وكذا في صورة جهل التاريخ الحق هو البناء. قال ابن قدامة في روضة الناظر (ج١ ص١٦١) الدليل الرابع من أدلة التخصيص التسع النص الخاص يخصص اللفظ العام فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع إلا في ربع دينار" خصص عموم قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨] وقوله عليه السلام: "لا زكاة فيما دون خمسة أوسق خصص عموم قوله: "فيما سقت السماء العشر" ولا فرق بين أن يكون العام كتاباً أو سنة أو متقدماً أو متأخراً- انتهى. أي فإن الخاص يخصص العام ويقدم عليه لقوة دلالة الخاص على مدلوله فإنها قاطعة، ودلالة العام على أفراده ظاهرة، والقاطع مقدم على الظاهر، مثاله لو قال كلما سرق السارق فاقطعوه، وهو معنى الآية، فدلالته على من سرق دون ربع دينار ظاهرة، ودلالة قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا قطع إلا في ربع دينار على عدم القطع فيما دونه قاطعة فيقدم. وقال الشوكاني في إرشاد الفحول: (ص١٤٤) الحق الذي لا ينبغي العدول عنه في صورة الجهل البناء وليس عنه مانع يصلح للتشبث به، والجمع بين الأدلة ما أمكن هو الواجب، ولا يمكن الجمع مع الجهل إلا بالبناء، قال: وقد تقرر أن الخاص أقوى دلالة من العام والأقوى أرجح وأيضاً إجراء العام على عمومه إهمال للخاص وإعمال الخاص لا يوجب إهمال العام، وأيضاً قد نقل أبوالحسين الإجماع على البناء مع جهل التأريخ. والحاصل أن البناء هو الراجح على جميع التقادير (إلى آخر ما قال) . ومنها ما قال صاحب الهداية إن حديث أبي سعيد وما في معناه ورد في زكاة التجارة دون العشر، وذلك لأنهم كانوا يتبايعون بالأوساق، وقيمة الوسق يومئذ كانت أربعين درهماً فيكون قيمة خمسة أوسق مائتى درهم وهو نصاب زكاة الفضة. وحاصله أن الجمهور نقلوا حديث زكاة التجارة إلى باب آخر، فوقع التعارض مع أن الحديث العام أي حديث ابن عمر وما في معناه كان في العشر، وحديث الأوساق في زكاة مال التجارة، فلا تعارض أصلاً. وقال الجصاص في أحكام القرآن: قد روى ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة، فجائز أن يريد به زكاة التجارة بأن يكون سأل سائل عن أقل من خمسة أوسق طعام أو تمر للتجارة، فأخبر أن لا زكاة فيه، فنقل الراوي كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك ذكر السبب. وفيه ما قال الشيخ رشيد أحمد الكنكوكي بعد ذكر هذا الجواب. ولكن الأنصاف خلاف ذلك فإن تفاوت أسعار الثمار والشعير والحنطة غير قليل فكيف يعلم ماذا أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك حتى يعلم حكمه، كذا في الكوكب الدري (ج١ ص٢٣٦) قلت: ويرد هذا التأويل أيضاً حديث عمرو بن جزم الذي ذكرنا لفظه وسيأتي أيضاً. ومنها ما قال الجصاص: قد ذكرنا أن الله حقوقاً واجبة في المال غير الزكاة ثم نسخت بالزكاة كما روى عن أبي جعفر محمد بن علي، والضحاك قالا: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن فجائز أن يكون هذا التقدير معتبراً في الحقوق التي كانت واجبة فنسخت، نحو قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى} [النساء: ٨] الآية ونحو ما روى عن مجاهد، إذا حصدت طرحت للمساكين الخ. وهذا الحقوق غير واجبة

<<  <  ج: ص:  >  >>