ولا بقر لا يؤدي زكاتها إلا بطح له بقاع قرقر" وبقوله: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار" وهلا كان هذا العموم عندكم مقدماً على أحاديث النصب الخاصة وهلا قلتم هناك تعارض مسقط وموجب، فقدمنا الموجب احتياطاً وهذا في غاية الوضوح - انتهى. وقد اتضخ بهذا كله كل الاتضاح أنه يعجب تخصيص عموم قوله تعالى:{ومما أخرجنا لكم من الأرض}[البقرة: ٢٦٧] وحديث ابن عمر بحديث الأوساق كم اخصص قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة] بالأخبار التي دلت على كون الزكاة منحصرة في أشياء مخصوصة وقوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}[التوبة: ٣٤] بأحاديث النصب الخاصة وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "في سائمة الإبل الزكاة" بقوله: ليس فيما دون خمس ذود صدقة" وقوله: "في الرقة ربع العشر" بقوله: "ليس في ما دون خمس أواق صدقة، على أن حديث الأوساق حديث مشهور، روى عن غير واحد من الصحابة منهم أبوسعيد عند الجماعة، ومنهم أبوهريرة عند أحمد والدارقطني والطحاوي، ومنهم ابن عمر عند أحمد والدارقطني ويحيى بن آدم (ص١٣٦) والبيهقي، ومنهم جابر عند أحمد ومسلم والبيهقي والطحاوي والحاكم وابن ماجه، ومنهم عائشة عند الطبراني في الأوسط، ومنهم أبورافع عند الطبراني في الكبير، ومنهم عمرو بن حزم عند الحاكم والطحاوي والطبراني والبيهقي، ومنهم أبوأمامة بن سهل ابن حنيف عند البيهقي، ومنهم عبد الله بن عمر، وعند يحيى بن آدم (ص١٣٧) والدارقطني (ص١٩٩) وبه قال الصحابة: منهم عمر وأبوسعيد وابن عمر وجابر وأبوأمامة بن سهيل بن حنيف. ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة فهو إجماع منهم، وقد جرى به التعامل وتلقاه الأمة بقبولها. قال أبوعبيد في الأموال (ص٤٠٨) : حدثنا يزيد عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن محمد بن عبد الرحمن أن في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي كتاب عمر في الصدقة أن لا تؤخذ من شيء حتى يبلغ خمسة أوسق. وروى الطحاوي والحاكم والبيهقي والطبراني عن عمرو بن حزم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب فذكر فيه ما سقت السماء أو كان سيحاً أو كان بعلاً ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق وما سقي بالرشاد والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق. ومنها أن حديث الأوساق منسوخ قال الزيلعي (ج٢ ص٣٨٥) ومن الأصحاب من جعله أي حديث الأوساق منسوخاً ولهم في تقريره قاعدة ذكرها السغناقي نقلاً عن الفوائد الظهيرية، قال: إدا ورد حديثان متعارضان أحدهما عام والآخر خاص، فإن علم تقديم العام على الخاص خص العام به وإن علم تأخير العام ناسخاً للخاص. قال محمد بن شجاع الثلجي هذا إذا علم التاريخ، أما إذا لم يعلم فإن العام يجعل آخراً لما فيه من الاحتياط وهنا لم يعلم التاريخ فيجعل العام آخراً لما فيه من الاحتياط- انتهى. وذكر العيني وابن الهمام نحو هذا. وفيه أن الحق في صورة تأخر العام عن الخاص هو بناء العام على الخاص أي تقديم الخاص وتخصيص العام به؛ لأن ما تناوله الخاص