الحائط واحتسب ذلك له أي أسقطه من الحساب؛ ولأنه يأباه كما قال صاحب فتح الملهم: ما وقع في رواية لمسلم في حديث أبي سعيد، ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق وما في بعض روايات جابر، لا صدقة في شيء من الزرع أو الكرم حتى يكون خمسة أوسق، ولأحمد من حديث أبي هريرة ولا يحل في البر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسة أوسق فإن العرية تعرف في التمر أو الثمار لا في سائر الحبوب والزروع، فكيف يستقيم حمل الحديث المشتمل على جميع المعشرات على العرايا. وقد روى البيهقي بإسناده عن الزهري، قال سمعت أباأمامة بن سهل بن حنيف يحدث في مجلس سعيد بن المسيب إن السنة مضت أن لا تؤخذ صدقة من نخل حتى يبلغ خرصها خمسة أوسق، وهذا ظاهر في أن المقصود بيان نصاب الصدقة كما في قرينتيه من الدود والأواقي لا بيان ما أسقط من الحساب، هذا وقد اتضح بما ذكرنا أن كل ما تأول به الحنفية حديث الأوساق باطل، وقد ظهر بذلك أيضاً سخافة استدلالهم بحديث العموم. ولذلك أورد صاحب العرف الشذي حديثاً آخر للاحتجاج لمذهب الحنفية، وزعم أنه خاص صريح في مذهبهم حيث قال: أن الصحيح الاحتجاج بالرواية الخاصة في مقابلة الخاص فنحتج بما رواه الطحاوي (ج٢:ص٢١٣) في باب العرايا عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرية في الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، وقال: في كل عشرة أقناء قنو يوضع في المسجد للمساكين، قال وما تمسك به أحد منا، والحديث قوي. ومراده عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أجاز بالعرية إلى أربعة أوسق. وأما المسألة فيما زاد فهي كما ذكرها فيما بعد أعنى إيجاب العشر حتى أوجب في عشرة أقناء قنوا، وحينئذٍ صار الحديث صريحا فيما رامه الحنفية. قلت: حديث جابر هذا ذكره الحافظ في الفتح في باب بيع الثمر على رؤس النخل بالذهب والفضة ونسبه إلى الشافعي وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، قال أخرجوه كلهم من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حين أذن لأصحاب العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، لفظ أحمد- انتهى. قلت: وأخرج أحمد الجزء الثاني (ج٣:ص٣٦٠) في رواية أخرى بلفظ: أمر من كل جاد بعشرة أوسق من تمر بقنو يعلق في المسجد. ولفظ الحاكم (ج١:ص٤١٧) : رخص في العرايا الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، وقال: في جاذ كل عشرة أوسق قنو يوضع للمساكين في المسجد. وأخرج أبوداود الجزء الثاني فقط بلفظ: أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين. قال الخطابي في المعالم (ج٢:ص٧٥) : قال إبراهيم الحربي: يريد قدراً من النخل يجذ منه عشرة أوسق، وتقديره مجذوذ فاعل بمعنى مفعول، وأراد بالقنوا العذق بما عليه من الرطب والبسر يعلق للمساكين يأكلونه، وهذا من صدقة المعروف دون الصدقة التي هي فرض واجب- انتهى. والعمدة هي رواية هؤلاء الحفاظ التي خالية عن زيادة قوله في كل عشرة أقناء قنو لا رواية الطحاوي المشتمل على تلك الزيادة، وذلك