للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخذته من ابن أبي ذئب، وقال: هذا صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يعرف بالمدينة، قال أبوعبد الله: فأخذنا العدس فعيرنا به وهو أصح ما يكال به؛ لأنه لا يتجافى عن مواضعه فكلنا به ووزناه فإذا هو خمسة أرطال وثلث وهذا أصح ما وقفنا عليه وما بين لنا من صاع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعض أهل العلم: أجمع أهل الحرمين على أن مد النبي - صلى الله عليه وسلم - رطل وثلاث قمحاً من أوسط القمح فمتى بلغ القمح ألفاً وستمائة رطل ففيه الزكاة وهذا يدل على أنهم قدروا الصاع بالثقيل، فأما التخفيف فتجب الزكاة فيه إذا قارب هذا وإن لم يبلغه- انتهى. واعلم أيضاً أنه اختلف في هذا النصاب هل هو تحديد أو تقريب، وبالأول جزم أحمد وهو أصح الوجهين للشافعية إلا أن كان نقصاً يسيراً جداً مما لا ينضبط فلا يضر، قاله ابن دقيق العيد: وصحح النووي في شرح مسلم أنه تقريب، كذا في الفتح. وقال ابن قدامة، قال القاضي: وهذا النصاب معتبر تحديداً فمتى نقص شيئاً لم تجب الزكاة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة والناقص عنها لم يبلغها إلا أن يكون نقصاً يسيراً يدخل في المكاييل كالأوقية ونحوها فلا عبرة به؛ لأن مثل ذلك يجوز أن يدخل في المكاييل فلا ينضبط فهو كنقص الحول ساعة أو ساعتين انتهى. هذا ولم يتعرض في الحديث للقدر الزائد على النصاب المذكور وقد أجمع العلماء على أنه لا وقص في نصاب المعشرات، قال ابن قدامة: لا وقص في نصاب الحبوب والثمار بل مهما زاد على النصاب أخرج منه بالحساب فيخرج عشر جميع ما عنده فإنه لا ضرر في تبعيضه بخلاف الماشية فإن فيها ضرر ثم ههنا مسائل، ينبغي ذكرها تكميلاً للفائدة. الأولى: الخمسة الأوسق تعتبر بعد التصفية في الحبوب والجفاف في الثمار، فلو كان له عشرة أوسق عنباً لا يجيء منه خمسة أوسق زبيباً لم يجب عليه شيء، لأنه حال وجوب الإخراج منه فاعتبر النصاب بحاله. الثانية: إذا وجب عليه عشر مرة لم يجب عليه عشر آخر وإن حال عنده أحوالاً؛ لأن هذه الأموال غير مرصدة للنماء في المستقبل بل هي إلى النقص أقرب، والزكاة إنما تجب في الأشياء النامية ليخرج من النماء فيكون أسهل. الثالثة: وقت وجوب الزكاة في الحب إذا اشتد وفي الثمرة إذا بد إصلاحها قال ابن العربي في تفسيره: اختلف العلماء في وجوب الزكاة في هذه الأموال النباتية على ثلاثة أقوال. الأول: أنها تجب وقت الجذاذ. الثاني: أنها تجب يوم الطيب؛ لأن ما قبل الطيب علفا لا قوتاً وطعاماً، فإذا طابت وكان الأكل الذي أنعم الله به وجب الحق الذي أمر الله به. الثالث: أن يكون بعد تمام الخرص؛ لأنه حينئذٍ يتحقق الواجب فيه من الزكاة فيكون شرطاً لوجوبها، ولكل قول وجه كما ترون لكن الصحيح وجوب الزكاة بالطيب لما بينا من الدليل، وإنما خرص عليهم ليعلم قدر الواجب في ثمارهم- انتهى. الرابعة: يجب العشر أو نصفه إذا بلغ الخارج النصاب سواء زرعه في أرض له أو في أرض لغيره أرض خراج كانت أو أرض عشر، سقى بماء العشر أو بماء الخراج، وهذا قول جمهور الناس وبه قال مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>