ومن سأل فوقها فلا يعط في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة،
ــ
الظاهرة إلى الإمام (ومن سئل فوقها) أي فوق حقها يعني زائداً على الفريضة المعينة في السن أو العدد، وقال الطيبي: أي أزيد من واجبها كمية أو كيفية، وتكون المسألة إجماعية إجمالاً، لا اجتهادية فإنها حينئذٍ يقدم الساعي (فلا يعط) أي فله المنع يعني لا يعطي الزائد على الواجب. وقيل: لا يعطي شيئاً من الزكاة لهذا الساعي، لأنه يصير خائناً بطلبه فوق الواجب فتسقط طاعته بظهور خيانته، لأن شرطه أن يكون أميناً وحينئذٍ يتولى هو إخراجه بنفسه أو يعطيه لساع آخر. قال الحافظ: لكن محل هذه إذا طلب الزيادة بغير تأويل - انتهى. وكأنه يشير بهذا إلى الجمع بين هذا الحديث وحديثي جرير وجابر بن عتيك المتقدمين في أوائل الزكاة، فيكون هذان الحديثان محمولين على أن للعامل تأويلاً في طلب الزائد على الواجب. قال القاري: هذا أي حديث أبي بكر يدل على أن المصدق إذا أراد أن يظلم المزكي فله أن يأباه ولا يتحرى رضاه، ودل حديث جرير وقوله:"أرضوا مصدقيكم وإن ظلمتم" على خلاف ذلك. وأجاب الطيبي بأن أولئك المصدقين من الصحابة وهم لم يكونوا ظالمين، وكان نسبة الظلم إليهم على زعم المزكي أو جريان على سبيل المبالغة وهذا عام فلا منافاة بينهما- انتهى. وقد يجاب بأن الأول محمول على الاستحباب وهذا على الرخصة والجواز، أو الأول إذا كان يخشى التهمة والفتنة وهذا عند عدمهما. قال في شرح السنة: فيه دليل على إباحة الدفع عن ماله إذا طولب بغير حقه- انتهى. (في أربع وعشرين) قال الطيبي: استئناف بيان لقوله "هذا فريضة الصدقة" وكأنه أشار بهذه إلى ما في الذهن ثم آتى به بياناً له. قال ابن الملك:"في أربع" خبر مبتدأ محذوف أي الواجب أو المفروض أو المعطى في أربع وعشرين (من الإبل) كلمة "من" بيانية وبدأ بزكاة الإبل لأنها كانت جل أموالهم وأنفسها (فما دونها) أي فما دون أربع وعشرين إلى الخمس (من الغنم) بيان للام الواجب المقدر، لأنه بمعنى الذي (من كل خمس شأة) أي الواجب من الغنم في أربع وعشرين إبلاً من كل خمس إبل شأة. وقال الطيبي:"من" الأولى ظرف مستقر، لأنه بيان لشأة توكيداً كما في قوله:"خمس ذود من الإبل" والثانية لغو إبتدائية متصلة بالفعل المحذوف، أي ليعط في أربع وعشرين من الإبل شأن كائنة من الغنم لأجل كل خمس من الإبل. وقيل:"من الغنم" خبر لمبتدأ محذوف أي الصدقة في أربع وعشرين من الإبل من الغنم. وقوله:"من كل خمس شأة" مبتدأ وخبر بيان للجملة المتقدمة. وقال الحافظ: قوله من الغنم كذا للأكثر وفي رواية ابن السكن بإسقاط "من" وصوبها بعضهم وقال عياض: كل صواب فمن أثبتها فمعناها زكاتها أي الإبل من الغنم و"من" للبيان لا للتبعيض، ومن حذفها فالغنم مبتدأ والخبر مضمر في قوله في أربع وعشرين. وإنما قدم الخبر لأن الغرض بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة، والزكاة إنما تجب بعد وجود النصاب فحسن تقديمه. وههنا مسألتان خلافيتان، الأولى أنه ذهب الشافعي في قوله الجديد أي في غير البويطي ومالك في