١٨١١- (٣) وعن أنس، أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها،
ــ
١٨١١- قوله:(إن أبابكر) الصديق (كتب له) أي لأنس، لما استخلف (هذا الكتاب) أي المكتوب الآتي (لما وجهه) أي حين أرسله أبوبكر (إلى البحرين) أي عاملاً عليها وهو تثنية بحر خلاف البر موضع معروف بين بحري فارس والهند ومقارب جزيرة العرب، ويقال هو إسم لاقليم مشهور يشتمل على مدن معروفة قاعدتها هجر وهكذا ينطق به بلفظ التثنية والنسبة إليه بحراني (بسم الله الرحمن الرحيم) بدل من الكتاب بمعنى إسم المفعول وهو واضح، لأن المراد كتب له هذه النقوش التي هي بسم الله الخ. قال الماوردي: يستدل به على إثبات البسملة في إبتداء الكتب وعلى أن الابتداء بالحمد ليس بشرط. وقال الحافظ: لم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتداء المراسلات بالحمد وقد جمعت كتبه - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك وغيرهم، فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة (هذه) أي المعاني الذهنية الدالة عليها النقوش اللفظية الآتية (فريضة الصدقة) أي نسخة فريضة الصدقة فحذف المضاف للعلم به والفريضة بمعنى المفروضة (التي فرض رسول الله على المسلمين) هذا ظاهر في رفع الخبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه ليس موقوفاً على أبي بكر وقد صرح برفعه في رواية إسحاق بن راهوية في مسنده ومعنى "فرض" هنا أوجب يعني بأمر الله تعالى قال الخطابي: معنى الفرض الإيجاب وذلك أن يكون الله تعالى قد أوجبها وأحكم فرضها في كتابه ثم أمر رسوله بالتبليغ فأضيف الفرض إليه بمعنى الدعاء اليه وحمل الناس عليه، وقد فرض الله طاعته على الخلق فجاز أن يسمى أمره وتبليغه عن الله عزوجل فرضاً على هذا المعنى. وقيل: معناه قد رأى بين وفصل لأن إيجابها ثابت بنص القرآن على سبيل الإجمال وبين - صلى الله عليه وسلم - مجملة بتقدير الأنواع والأجناس ففرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لها بيانه للمجمل من الكتاب، ومن هذا فرض نفقة الأزواج وفرض أرزاق الجند. وقيل: معنى الفرض هنا السنة ومنه ما روى أنه - صلى الله عليه وسلم - فرض كذا أي سنة يعني شرعه بأمر الله تعالى (والتي) عطف على "التي" عطف تفسير أي الصدقة التي. ولأحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه "التي" بدون العطف على أنها صفة بعد صفة أو يدل من الجملة الأولى (أمر الله بها) أي بتلك الصدقة أي أمر بتبلغيها أو بتقدير أنواعها وأجناسها والقدر المخرج منها (فمن سألها) بضم السين على بناء المفعول أي من سأل الزكاة (من المسلمين) بيان لمن (على وجهها) حال من المفعول الثاني في سئلها أي حال كونها على حسب ما بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرض مقاديرها يعني على هذه الكيفية المبينة في هذا الكتاب (فليعطها) أي على الكيفية المذكورة في هذا الحديث. وفيه دلالة على دفع صدقة الأموال