وفي رواية، قال: ليس في عبده صدقة إلا صدقة الفطر)) متفق عليه.
ــ
من رجل من أهل اليمن فرساً بمائة قلوص قال: فنأخذ من كل أربعين شاة شأة ولا نأخذ من الخيل شيئاً خذ من كل فرس ديناراً فقرر على الخيل ديناراً، وفي رواية ابن حزم والبيهقي فضرب على الخيل ديناراً دينار توجب خلاف ما قلتم من أن أخذه كان على سبيل إنه تطوع وتبرع لا للإيجاب، قلت: رواية الطحاوي في قصة أهل الشام صريحة في نفي الوجوب ورواها مالك بلفظ إن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة: خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة فأبى ثم كتب إلى عمر بن الخطاب فأبى عمر ثم كلموه أيضاً فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر إن أحبوا فخذها منهم (يعني إنهم إذا تطوعوا بذلك فيقبل عنهم تطوعاً) وأردد عليهم (أي على فقراءهم) وارزق رقيقهم - انتهى. وهذه الرواية ظاهرة في أن عمر لم يقل بإيجاب الزكاة في الخيل لأنه إنما أمر بذلك حين أحبه أربابها وتبرعوا وتطوعوا بها، وأما ما ذكروه من رواية الدارقطني وعبد الرزاق وما شاكلها فهو محمول على هذه لتتافق الروايات ولا تختلف، قال بعض من كتب علي الموطأ من أهل عصرنا من الحنفية: والظاهر إن ذلك أي عدم الإيجاب كان عن عمر أولاً ثم قال: بالزكاة فيها أي إن الآخر من أمرى عمر أخذ الزكاة من الخيل كما يدل عليه رواية الدارقطني ورواية عبد الرزاق. قلت: ليس في شي من روايات قصة أهل الشام ما يدل أن ذاك كان أولاً وهذا كان آخراً والجمع بما قلنا واضح فالقول به متعين، ولو سلمنا فهو اجتهاد من عمر ومن وافقه كما اعترف به ابن الهمام وحديث أبي هريرة الذي نحن في شرحه يخالفه ويقطع بنفي الصدقة عنها فلا يلتفت إلى ما سواه لأنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم. هذا وقد استدل ابن الهمام برواية الدارقطني في قصة أهل الشام على وجوب الزكاة في الفرس، وادعى وقوع إجماع الصحابة على ذلك، وقد رد عليه بحر العلوم اللكنوي الحنفي في رسائل "الأركان الأربعة"(ص١٧٣) رداً حسنا فعليك أن تراجعه (وفي رواية قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (ليس في عبده) في مسلم ليس في العبد (صدقة إلا صدقة الفطر) بالرفع على البدلية وبالنصب على الاستثنائية قال النووي: هذا صريح في وجوب صدقة الفطر على السيد عن عبده سواء كان للقنية أم للتجارة وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور، وقال أهل الكوفة لا تجب في عبيد التجارة وحكى عن داود قال: لا تجب على السيد بل تجب على العبد ويلزم السيد تمكينه من الكسب ليؤديها- انتهى. وقال ابن حبان: فيه دليل على أن العبد لا يملك إذ لو ملك لوجب عليه صدقة الفطر (متفق عليه) إلا قوله "إلا صدقة الفطر" فإنه من إفراد مسلم وهذه الزيادة عند ابن حبان أيضاً ورواه الدارقطني بلفظ: لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا زكاة الفطر وفي لفظ لأبي داود ليس: في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق، والرواية الأولى أخرجها أيضاً أحمد ومالك والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وغيرهم.