للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند أبي يوسف لم يخالفه ذكره الزيلعي. والثاني أنه ليس في هذا الحديث ذكر للفرق بين الذكور المنفردة والإناث المنفردة والمختلط منهما ولا للتخيير بين الدينار والقيمة الذي قال به أبوحنيفة، وأجاب ابن الهمام عن الوجه الأول بما يقضي منه العجب حيث قال: ولعل ملحظهم في تقدير الواجب ما روى عن جابر من قوله عليه السلام في كل فرس دينار بناء على أنه صحيح في نفس الأمر، ولو لم يكن صحيحاً على طريقة المحدثين إذ لا يلزم من عدم الصحة على طريقتهم إلا عدمها ظاهراً دون نفس الأمر على أن الفحص عن مأخذهم لا يلزمنا إذ يكفي العلم بما اتفقوا عليه من ذلك- انتهى. وفي ذكر هذا غنى عن الرد ولعله حمله على ذلك غلوه في حماية مذهبه وشدة التعصب عليه وقد يحمل الإنسان عصبيته العمياء على اقبح من ذلك. واحتج الحنفية أيضاً بما روى الدارقطني في غرائب مالك بإسناد صحيح عنه عن الزهري إن السائب بن يزيد أخبره قال. رأيت أبي يقيم الخيل ثم يدفع صدقتها إلى عمر، وأخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حسين إن ابن شهاب أخبره إن عثمان كان يصدق الخيل، وإن سائب بن يزيد أخبره إنه كان يأتي عمر بصدقة الخيل. قال ابن عبد البر: الخبر في صدقة الخيل عن عمر صحيح من حديث الزهري عن السائب بن يزيد. وأجاب عنه الطحاوي بأنه لم يأخذه عمر على أنه حق واجب عليهم بل بسبب آخر، ثم أخرج بسنده عن حارثة قال حججت مع عمر فأتاه أشراف الشام قالوا: إنا أصبنا خيلاً وأموالاً فخذ من أموالنا صدقة، فقال هذا شي لم يفعله اللذان كانا قبلي لكن إنتظروا حتى أسأل المسلمين. فسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم علي فقالوا حسن وعلي ساكت فقال عمر مالك يا أباالحسن فقالوا قد أشاروا عليك ولا باس بما قالوا إن لم يكن واجباً وجزية راتبة يؤخذون بها بعدك. فدل ذلك على أنه إنما أخذ على سبيل التطوع بعد ابتغاءهم ذلك لا على سبيل إنه شي واجب وقد أخبر إنه لم يأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبوبكر - انتهى. وقال ابن قدامة: في المغني (ج٢:ص٦٢١) وأما عمر فإنما أخذ منهم شيئاً تبرعوا به وسألوه أخذه وعوضهم عنه برزق عبيدهم ثم ذكر هذا الحديث من رواية أحمد وقال: فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه، أحدها قوله ما فعله صاحباي قبلي يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ولو كان واجباً لما تركا فعله، الثاني إن عمر امتنع من أخذها ولا يجوز أن يمتنع من الواجب، الثالث قول علي حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها بعدك فسمى جزية إن أخذوا بها وجعل مشروطا بعدم أخذهم به فيدل على أن أخذهم بذلك غير جائز. الرابع استشارة عمر أصحابه في أخذه ولو كان واجباً لما احتاج إلى الاستشارة. الخامس إن عمر عوضهم عنه رزق عندهم (وكذا رزق فرسهم كما في رواية الدارقطني ص٢١٤) والزكاة لا يؤخذ عنها عوض- انتهى. وأجاب الحنفية عن هذا الجواب بأن رواية الدارقطني (ص٢١٩) "فوضع على فرس ديناراً" في قصة أهل الشام المذكور. ورواية عبد الرزاق من طريق يعلى بن أمية إن عمر قال له إن الخيل لتبلغ في بلادكم هذا وقد كان اشترى

<<  <  ج: ص:  >  >>