في سبيل الله (وفي رواية ربطها تغنياً وتعففاً) ثم ليس ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر الحديث. قالوا: إن الحق الثابت لله تعالى على رقاب الحيوانات ليس إلا الزكاة، فدل ذلك على وجوبها لأنه رتب على الخروج منه كونها له حينئذٍ ستراً يعني من النار. وأجاب عنه الطحاوي في شرح معاني الآثار: بأنه يجوز إن ذلك الحق سوى الزكاة فإنه قد روى لنا عن فاطمة بن قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: في المال حق سوى الزكاة. وحجة أخرى إنا رأينا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الإبل السائمة فقال: فيها حق فسئل ما هو فقال: إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحة سمنها فاحتمل أن يكون هو في الخيل - انتهى ملخصاً. وقال ابن الجوزي: في التحقيق بعد ذكر الدليل هنا للحنفية وجوابه من وجهين، أحدهما. إن حقها إعارتها وحمل المنقطعين عليها فيكون ذلك على وجه الندب. والثاني: أن يكون واجباً ثم نسخ بدليل قوله "قد عفوت لكم عن صدقة الخيل" إذ العفو لا يكون إلا عن شئ لازم - انتهى. وأجاب العيني عن الوجه الأول بأن الذي يكون على وجه الندب لا يطلق عليه حق، وعن الثاني بأن النسخ لو كان اشتهر زمن الصحابة لما قرر عمر الصدقة في الخيل وإن عثمان ما كان يصدقها- انتهى. وتعقب بأن الحق لغة بمعنى الشيء الثابت سواء كان لازماً أو غير لازم. وأيضاً قد روى البخاري مرفوعاً ومن حقها أي حق الإبل أن تحلب على الماء، وفي رواية أبي داود قلنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما حقها؟ قال: إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله- انتهى ومن المعلوم أن هذه الأمور من الحقوق المندوبة لا الواجبة، وأما ما ذكر من أن عمر وعثمان أخذ الصدقة عن الخيل ففيه أنه كان ذلك على سبيل الندب والأختيار لا الإيجاب كما سيأتي. وقال الشيخ عبد العلي الحنفي المعروف ببحر العلوم اللكنوي صاحب فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: في "رسائل الأركان الأربعة"(ص١٧٢) بعد ذكر استدلال الحنفية بحديث أبي هريرة ما لفظه هذا إنما يتم لو أريد بحق الله الحق الواجب وإن عمم، كما يدل عليه عطف "ولا ظهورها" لأنه ليس في الظهور حق واجب. وقد حمل ابن الهمام الحق في الظهور على حمل منقطعي الحاج ففيه أن هذا ليس حقاً واجبا بل الغاية الاستحباب، ثم الحديث إن دل على وجوب الزكاة فهو غير فارق بين الذكور والإناث والسائمة وغير السائمة وهو خلاف المذهب- انتهى. واحتج الحنفية لكمية الواجب في الفرس بما روى الدارقطني (ص٢١٤) والبيهقي (ج٤:ص١١٩) والطبراني من طريق الليث بن حماد الأصطخري عن أبي يوسف عن غورك بن الخضرم أبي عبد الله السعدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الخيل السائمة في كل فرس دينار ورد هذا بوجهين أحدهما إن سنده ضعيف جداً، قال الدارقطني: تفرد به غورك وهو ضعيف جداً ومن دونه ضعفاء، وقال الهيثمي: فيه ليث بن حماد وغورك وكلاهما ضعيف. قال البيهقي: لو كان هذا الحديث صحيحاً