للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة

ــ

والمعيب لكن يخرج ما شاء المصدق من السليم والكامل (لا يجمع) بضم أوله وفتح ثالثه، أي لا يجمع المالك والمصدق (بين متفرق) بتقديم التاء على الفاء من التفرق وفي رواية مفترق بتقديم الفاء على التاء من الافتراق (ولا يفرق) بضم أوله وفتح ثالثه مشدد، أو يخفف أي لا يفرق المالك والمصدق (بين مجتمع) بكسر الميم الثانية (خشية) منصوب على أنه مفعول لأجله متعلق بالفعلين على التنازع. ويحتمل أن يتعلق بفعل مقدر يعم الفعلين أي لا يفعل شيئاً من ذلك خشية الصدقة، فيحصل المراد من غير تنازع (الصدقة) أي خشية وجوب الصدقة أو كثرتها هذا إن رجع إلى المالك وخشية سقوط الصدقة، أو قلتها إن رجع إلى المصدق فالنهى للمالك والساعي كليهما. والخشية خشيتان: خشية المالك أن يجب الصدقة أو تكثر، وخشية الساعي أن تسقط الصدقة أو تقل، وهذا إنما يقع في زكاة الخلطاء. قال الخطابي: قال الشافعي: الخطاب في هذا للمصدق ولرب المال معاً، وقال ابن رشد في مقدماته: ذهب الشافعي إلى أن النهى فيه إنما هو للسعاة، وذهب مالك إلى أن النهى إنما هو لأرباب المواشي والصواب على عمومه لهما جميعاً لا يجوز للساعي أن يجمع غنم رجلين أن لم يكونا خليطين على الخلطة ليأخذ أكثر من الواجب له، ولا أن يفرق غنم الخليطين فيزكيهما على الانفراد ليأخذ أكثر من الواجب له. وكذلك أرباب الماشية لا يجوز لهم إذا لم يكونوا خلطاء أن يقولوا نحن خلطاء ليؤدوا على الخلطة أقل مما يجب عليهم في الانفراد، ولا يجوز لهم إذا كانوا خلطاء أن ينكروا الخلطة ليؤدوا على الانفراد أقل مما يجب عليهم على الخلطة. وأما أبوحنيفة الذي لا يقول بالخلطة له (أي بخلطة الجوار) فيقول: المعنى في ذلك أنه لا يجوز للساعي أن يجمع ملك الرجلين فيزكيهما على ملك واحد مثل أن يكون للرجلين أربعون شاة فيما بينهما، ولا أن يفرق بملك الرجل الواحد فيزكيه على إملاك متفرقة مثل أن يكون له مائة وعشرون فلا يجوز له أن يجعلها ثلاثة أجزاء - انتهى. قلت: ومثال جمع المالك بين المتفرق خشية كثرة الصدقة أي لتقليلها رجل ملك أربعين شاة فجمعها وخلطها بأربعين لغيره عنده حضور المصدق فراراً عن لزوم الشاة إلى نصفها، إذ عند الجمع والخلط يؤخذ من كل المال شاة واحدة فنهى عن ذلك. ومثال تفريق المالك خشية وجوب الصدقة، أي لإسقاطها رجل كان له عشرون شاة مخلوطة بمثلها لغيره ففرقها لئلا يكون نصاباً فلا يجب شيء ومثال تفريقه أيضاً خشية كثرتها رجل يكون له مائة شاة وشاة مخلوطة بمثلها لغيره فيكون عليهما عند الاجتماع والخلط ثلاثة شياه، ففرقا ما لهما لتقل الصدقة ويكون على كل واحد شاة فقط. ومثال جمع المصدق خشية سقوط الصدقة أي لايجابها أو خشية قلتها أي لتكثيرها، رجلان كان لهما أربعون شاة متفرقة، فجمعها وخلطها المصدق ليجب فيها الزكاة ويأخذ شأة، أو كان لكل واحد منهما مائة وعشرون، فجمع بينهما ليصير الواجب ثلاثة شياه. ومثال تفريق المصدق خشية قلة الصدقة، أي لتكثيرها ثلاثة خلطاء في مائة وعشرين شاة وواجبها عليهم شأة، ففرقها الساعي أربعين أربعين ليكون فيها، ثلاث شياه. والحاصل: إن الخلط في الجوار عند الجمهور

<<  <  ج: ص:  >  >>