مؤثر في زيادة الصدقة ونقصانها كخلطة الشيوع، لكن لا ينبغي لأرباب الأموال أن يفعلوا ذلك فراراً عن زيادة الصدقة ولا للسعاة أن يفعلوا ذلك لوجوب الصدقة أو زيادتها، وأما عند أبي حنيفة لا أثر للخلطة، فمعنى الحديث عنده على ظاهر النفي على أن النفي راجع إلى القيد. وحاصله نفي الخلط لنفي الأثر أي لا أثر للخلطة والتفريق في تقليل الزكاة وتكثيرها، أي لا يفعل شيء من ذلك خشية الصدقة إذ لا أثر له في الصدقة فيكون ذلك لغوا عبثا لا فائدة فيه كذا قرره السندي. ولا يخفى ما فيه من التكلف بل من إهمال الحديث، وحمله عامة الحنفية كالكاساني في البدائع وابن الهمام في فتح القدير وغيرهما على خلطة الشيوع كما حملوا عليها قوله "وما كان من خلطين الخ. قالوا: والمراد الجمع والتفريق في الملك لا في المكان، والخشية خشيتان: خشية الساعي، وخشية المالك، وكذا النهي نهيان النهي للساعي. عن جمع المتفرق، وعن تفريق المجتمع، والنهي للمالك عن جمع المتفرق، وعن تفريق المجتمع، مثال الأول: كخمس من الإبل بين اثنين أو ثلاثين من البقر أو أربعين من الغنم حال عليها الحول، وأراد الساعي أن يأخذ منها الصدقة ويجمع بين الملكين، ويجعلهما كملك واحد خشية فوت الصدقة، أي يعدهما كملك رجل واحد لأخذ الصدقة فليس له ذلك. ومثال الثاني: كرجل له ثمانون من الغنم في مرعتين مختلفتين أنه يجب عليه شاة واحدة ولو أراد الساعي أن يفرق المجتمع خشية قلة الصدقة كأنها لرجلين، فيأخذ منها شاتين ليس له ذلك، لأن الملك مجتمع فلا يملك الساعي تفريقة لتكثير الصدقد ومثال الثالث: كثمانين من الغنم بين اثنين حال عليها الحول، أنه يجب فيها شاتان على كل واحد منهما شأة، ولو أراد أن يجمعا بين الملكين فيجعلاهما ملكاً واحداً خشية كثرة الصدقة، أي لتقليها، فيعطي الساعي شاة واحدة ليس لهما ذلك لتفرق ملكيهما فلا يملكان الجمع في الملك لأجل تقليل الزكاة. ومثال الرابع: كرجل، له أربعون من الغنم في مرعتين مختلفتين تجب عليه الزكاة لأن الملك مجتمع فلا يجعلها كالمتفرقين في الملك، أي كأنها في ملك رجلين خشية وجوب الصدقة أي لإسقاطها. قلت: حمله على خلطة الشيوع وعلى الجمع والتفريق في الملك بعيدا جدا، فإن المتبادر من لفظ الجمع والتفريق هو ما كان في المكان أي بالمخالطة لا في الملك، فإنه لا يعبر عن جعل الملكين كملك واحد أو جعل الملك الواحد كملكين بالجمع بين المتفرق أو بالتفريق بين المجتمع. وقد اعترف بذلك صاحب فيض الباري حيث قال: وقع في الحنفية بحمله على خلطة الشيوع في بعد من ألفاظ الحديث فإن الجمع والتفريق لا يتبادر منه إلا ما كان بحسب المكان ولا يأتي هذا التعبير في الجمع والتفريق ملكا، ثم حمله على خلطة الجواز كما فعل السندي (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) ما، هنا تامة نكرة متضمنة معنى حرف الاستفهام، ومعناها أي شيء كان من خليطين فإنهما يترادان الفصل بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما كما سيأتي توضيحة. واعلم أن الخلطة بضم الخاء على نوعين: خلطة اشتراك، وخلطة جوار، وقد يعبر عن الأول بخلطة الأعيان وخلطة الشيوع، وعن الثاني بخلطة الأوصاف: