إيجاباً فيهما. وقال الكاساني: المستخرج من الأرض نوعان: أحدهما: يسمى كنزاً وهو المال الذي دفنه بنو آدم في الأرض. والثاني: يسمى معدناً وهو المال الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض. والركاز اسم يقع على كل واحد منهما إلا أن حقيقته للمعدن واستعماله للكنز مجازاً. قال في النهر: لا يجوز أن يكون حقيقة في المعدن، مجازاً في الكنز، لامتناع الجمع بينهما بلفظ واحد. وقال في الدر المختار: هو لغة: من الركز أي الإثبات بمعنى المركوز. وشرعاً: مال مركوز تحت أرض أعم من معدن خلقي ومن كنز مدفون دفنه الكفار واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم "والمعدن جبار وفي الركاز الخمس، ووجه الاستدلال إنه عطف الركاز على المعدن. وفرق بينهما بواو فاصلة، فعلم إن المعدن ليس بركاز عنده - صلى الله عليه وسلم - بل هما شيئان متغايران، ولو كان المعدن ركازاً عنده لقال المعدن جبار، وفيه الخمس ولما لم يقل ذلك ظهر أنه غيره لأن العطف يدل على المغايرة. قال الحافظ: والحجة للجمهور التفرقة من النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره وأجيب عن هذا بأنه لا يرد على الحنفية لأنهم قالوا إن الركاز يعم المعدن والكنز والمغايرة. بين العام والخاص مما لا يخفي، فلو قال فيه الخمس يعلم حكم المعدن دون الكنز، وأيضاً وضع المظهر محل المضمر مما لا ينكر على أنه ورد في رواية للبخاري في الديات، العجماء عقلها جبار والمعدن جبار والبئر جبار وفي الركاز الخمس، فلو قال: وفيه الخمس لحصل الالتباس باحتمال رجوع الضمير إلى البئر. قال ابن التركماني: المعدن هو الركاز فلما أراد أن يذكر له حكماً آخر ذكره بالاسم الآخر وهو الركاز، ولفظ الصحيح في الحديث والبئر جبار وفي الركاز الخمس فلو قال، وفيه الخمس لحصل الالتباس بعود الضمير إلى البئر. وقال في المواهب اللطيفة أخذاً من ابن الهمام: إن المغايرة بينهما إنما حصلت لاختلاف كل منهما في أمر يمتاز به عن الآخر، وذلك إن قوله "المعدن جبار" معنا إن إهلاكه أو الهلاك به للأجير الحافر له غير مضمون، لا أنه لا شيء فيه بنفسه، وإلا لم يجب شيء أصلاً وهو خلاف المتفق عليه (إذا الخلاف إنما هو في كميته لا في أصله) وغاية ما هناك أنه أثبت للمعدن بخصوصه حكماً فنص على خصوص اسمه ثم أثبت له حكماً آخر مع غيره فعبر بالاسم الذي يعمهما ليثبت فيهما فإنه - صلى الله عليه وسلم - علق الحكم أعنى وجوب الخمس بما يسمى ركازاً فما كان من أفراده وجب فيه - انتهى. وقال بعضهم: احتجاج الجمهور غير صحيح، فإن المراد بالمعدن حفرته فإنه إذا وقع فيها إنسان فلا ضمان فيه، والمراد بالركاز المال الذي في المعدن بأن المال المستخرج منها فيه الخمس، فعلى هذا دلالة العطف صحيحة لأن مدلول أحدهما غير مدلول الآخر فلا حجة فيه للجمهور واحتج الجمهور أيضاً بالركاز في لغة أهل الحجاز هو دفين الجاهلية، ولا شك في أن النبي الحجازي - صلى الله عليه وسلم -: تكلم بلغة أهل الحجاز وأراد به ما يريدون منه. قال ابن الأثير الجزري: