للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في النهاية الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق المعادن والقولان تحتملها اللغة لأن كلاً منهما مركوز في الأرض أي ثابت، يقال ركزه يركزه ركزاً إذا دفنه وأركز الرجل إذا وجد الركاز. والحديث إنما جاء في التفسير الأول وهو الكنز الجاهلي، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه. وقال في جامع الأصول: (ج٥ ص٤٨١) الركاز عند أهل الحجاز كنز الجاهلية ودفنها لأن صاحبه ركزه في الأرض أي أثبته وهو أهل العراق المعدن، لأن الله ركزه في الأرض ركزاً. والحديث إنما جاء في التفسير الأول منهما وهو الكنز الجاهلي على ما فسره الحسن. وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه، والأصل فيه إن ما خفت كلفته كثر الواجب فيه، وما ثقلت كلفته قل الواجب فيه - انتهى. وقيل: إنما جعل الركاز الخمس لأنه مال كافر فنزل من وجده منزلة الغنائم فكان له أربعة أخماسه. وقال الزين بن المنير: كان الركاز مأخوذ من أركزته في الأرض إذا غرزته فيها، وأما المعدن فإنه ينبت في الأرض بغير وضع واضع هذه حقيقتهما فإذا افترقا في أصلهما فكذلك في حكمهما كذا في الفتح. واحتج الحنفية بما روى ابن عبد البر في التمهيد والحاكم (ج٢ ص٦٥) والبيهقي (ج٤ ص١٥٥) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: في كنز وجده في خربة جاهلية إن وجدته في قرية مسكونة أو سبيل ميتاء فعرفه، وإن وجدته في خربة جاهلية أو في قرية مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس، وروى أبوعبيد عنه بلفظ: إن المزني قال يا رسول الله فما يوجد في الخرب العادي، قال فيه وفي الركاز الخمس. قال التوربشتي: أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا عن المال المدفون ثم عطف عليه الركاز والمعطوف غير المعطوف عليه. وقال أبوعبيد: تبين لنا أن الركاز سوى المال المدفون لقوله فيه وفي الركاز، فجعل الركاز غير المال المدفون، فعلم بهذا أنه المعدن. وقال الكاساني: عطف النبي - صلى الله عليه وسلم - الركاز على الكنز، والشيء لا يعطف على نفسه هو الأصل فدل على أن المراد منه المعدن وأجيب عن هذا بأنه ورد فيما وجد من أموال الجاهلية ظاهراً فوق الأرض في الطريق غير الميتاء وفي القرية الغير المسكونة، فيكون فيه وفي الركاز الخمس وليس ذلك من المعدن بسبيل. وتعقبه ابن التركماني: بأن الرواية المذكور أولاً تدفع هذا الجواب لأن الكنز على ما ذكره أهل اللغة الجوهري وغيره، هو المال المدفون، وعطف الركاز على الكنز دليل على أن الركاز غير الكنز وأنه المعدن كما يقوله أهل العراق. ورد ذلك بأن الكنز هو المال المجموع بعضه على بعض، سواء كان على ظهر الأرض أو بطنها. قال الراغب: الكنز هو جعل المال بعضه على بعض وحفظه، وأصله من كنزت التمر في الوعاء. وقال ابن جرير: هو كل شيء جمع بعضه على بعض في بطن الأرض أو ظهرها - انتهى. وعلى هذا يصح حمل الحديث المذكور على ما وجد من مال الجاهلية ظاهراً فوق الأرض. واحتج الحنفية أيضاً

<<  <  ج: ص:  >  >>