للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

...........................

ــ

بأيدي كل قوم من الثمار فيؤخذ مثله بقدره في وقت الصرام لا أنهم يملكون منه شيئاً مما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل. ويرده ما في حديث ابن عمر عند ابن حبان إن ابن رواحة كان يضمن أهل خيبر الشطر، وما في عامة الروايات من تخيير إياهم فإنه يدل على أنهم لو دفعوها إلى المسلمين كان يجب عليهم أن يضمنوا الشطر ويتصرفوا فيها كيف شاءوا. ثم يعطوا اليهود حقهم بحسب خرص ابن رواحة ويؤدوا ما يجب عليهم من الزكاة إلى بيت المال بحسب ذلك الخرص، فكان هذا الخرص في الظاهر لأخذ الحق على اليهود، وفي الحقيقة عليهم وعلى المسلمين جميعاً. الثاني: الكلام في معناها وهو إن الخرص لم يكن على وجه تضمين رب المال بقدر الصدقة، لأنه غير جائز لكونه من باب بيع الرطب بالتمر، وإنما وجهه إنهم فعلوا ذلك تخويفاً للمزارعين لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم لأنه تخمين وغرور. الثالث: إنه منسوخ بنسخ الرباء. قال الخطابي: قال بعض: أصحاب الرأي إنما كان جوازه قبل تحريم الرباء والقمار. وتعقبه في المعالم (ج٢:ص٤٤) بأن تحريم الربا والقمار والميسر متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مات، ثم أبوبكر وعمر فمن بعدهم، ولم ينقل عن أحد منهم ولا عن التابعين خلاف فيه إلا عن الشعبي - انتهى. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: المثال التاسع والعشرون رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في خرص الثمار في الزكاة والعرايا وغيرها إذا بدا صلاحها، ثم ذكر أحاديث الخرص ثم قال: فردت هذه السنن كلها بقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة: ٩٠] قالوا: والخرص من باب القمار والميسر فيكون تحريمه نسخاً لهذه الآثار، وهذا من أبطل الباطل. فإن الفرق بين القمار والميسر والخرص المشروع كالفرق بين البيع والرباء والميتة والمذكي، وقد نزه الله رسوله وأصحابة عن تعاطي القمار وعن شرعه وإدخاله في الدين، ويا لله العجب! أكان المسلمون يقامرون إلى زمن خيبر ثم استمروا على ذلك إلى عهد الخلفاء الراشدين. ثم انقضى عصر الصحابة وعصر التابعين على القمار، ولا يعرفون إن الخرص قمار حتى بينه بعض فقهاء الكوفة، هذا والله الباطل حقاً والله الموفق - انتهى كلام ابن القيم. قال العيني: قول الخطابي تحريم الربا والميسر متقدم، يحتاج إلى معرفة التاريخ، وعندنا ما يدل على صحة النسخ، وهو ما رواه الطحاوي من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن الخرص. وقال: أرأيتم إن هلك التمر أيجب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل؟ والحظر بعد الإباحة علامة النسخ - انتهى كلام العيني. قلت تقدم تحريم الربا والميسر واضح جداً ظاهر معلوم، لكل من له فهم وعقل صحيح. فإن الخرص قد عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول عمره وعمل به أبوبكر وعمر في زمانها، ولو كان الخرص قماراً أو رباً أو كان ذلك قبل تحريم القمار والربا لما خفي عليهم ذلك ولم يعملوا به قط، وعملهم بالخرص طول أعمارهم دليل على أن الخرص ليس بقمار ولا رباً، وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>