إلا بإذن، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم)) . رواه أبوداود، وفي إسناده أشعث بن شعبة المصيصي، قد تكلم فيه.
١٦٥- (٢٦) وعنه، قال:((صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال رجل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كأن هذه موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة،
ــ
يعني أهل الذمة الذين قبلوا الجزية (إلا بإذن) وفي بعض النسخ المصححة "إلا بإذنهم" أي إلا أن يأذنوا لكم بالطوع والرغبة (ولا أكل ثمارهم) أي بالقهر من بساتينهم فضلاً عن بقية أموالهم. (إذا أعطوكم الذي عليهم) أي من الجزية وما عاهدوا عليه والتزموه. (رواه) . قال القاري: كذا أي بياض في أصل المشكاة بعد قوله: "رواه" وسببه تقدم في الخطبة، فألحقه ميرك شاه في هذا المحل، وقال: رواه أبوداود وفي إسناده أشعث بن شعبة المصيصي تكلم فيه- انتهى. قلت: أخرج الحديث أبوداود في كتاب الخراج، وسكت عنه. وقال المنذري: في إسناده أشعث بن شعبة المصيصي، وفيه مقال - انتهى. وفي التهذيب (ج١: ص٣٥٤) قال أبوزرعة: لين، وذكره ابن حبان في الثقات. قال الحفاظ: وفي سؤالات الأحمرى عن أبي داود: أشعث بن شعبة ثقة. وقال في التقريب: هو مقبول. والمصيصي بكسر الميم والمهملة المشددة، نسبة إلى المصيصة مدينة على ساحل البحر، كذا في لب اللباب. وفي القاموس: والمصيصة كسفينة بلد بالشام ولا تشدد.
١٦٥- قوله:(صلى بنا) أي إماماً لنا (بوجهه) تأكيد (فوعظنا) بفتح الظاء (بليغة) أي تامة في الإنذار من المبالغة، أي بالغ فيها بالإنذار والتخويف، لا من البلاغة المفسرة بوجازة اللفظ وكثرة المعنى مع البيان، لعدم المناسبة بالمقام (ذرفت) بفتح الراء. أي دمعت (منها) أي من موعظته (العيون) أي سالت دموع العيون، وفي إسناد "الذرف" إلى "العيون" مع أن السائل دموعها مبالغة، والمقصود أنها أثرت فيهم ظاهراً وباطناً. (ووجلت) بكسر الجيم أي خافت (منها القلوب) لتأثيرها في النفوس واستيلاء سلطان الخشية على القلوب (فقال رجل) وفي رواية لأحمد "قلنا" وفي رواية للحاكم "فقلنا"(كأن) بالتشديد (موعظة مودع) اسم فاعل من ودع، أي المبالغة تدل على أنك تودعنا، فإن المودع عند الوداع لا يترك شيئاً مما يهم المودع بفتح الدال، ويفتقر إليه إلا ويورده، ويستقصي فيه (فأوصنا) أي إذا كان الأمر كذلك فمرنا بما فيه كمال صلاحنا (أوصيكم بتقوى الله) هذا من جوامع الكلم؛ لأن التقوى امتثال المأمورات واجتناب المنهيات، وهي كافلة سعادة الدنيا والآخرة لمن تمسك بها وهي وصية الله للأولين والآخرين. (والسمع والطاعة) أي وبقبول قول من يلي أمركم من المسلمين وطاعته ما لم يأمر بمعصية عادلاً كان أو جائراً، وإلا فلا سمع ولا طاعة لمخلوق في