للحاضرات خصوصاً، فممنوع بل الخطاب، لكل من يصلح للخطاب نعم، فيه تلميح إلى حسن الصدقة في حق غير الغنيات، فلا يرد إن كون الأمر للوجوب لا يستقيم ويؤيده ما في آخر هذا الحديث في البخاري. قالت زينب لعبد الله قد أمرنا بصدقة فأته فَسَله، فإن كان ذلك يجزيء عنى وإلا صرفتها إلى غيركم الحديث، لأن الصدقات من النوافل لا كلام في جوازها لو صرفت إلى الزوج انتهى كلام أبي الطيب. قال شيخنا في شرح الترمذي:(ج٢ ص١٠) قلت: في الاستدلال بهذا الحديث على وجوب الزكاة في الحلي نظر، فإنه ليس بنص صريح فيه لاحتمال أن يكون معنى قوله " ولو من حليكن" أي ولو تيسر من حليكن كما قيل. وهذا لا يدل على وجوب الزكاة في الحلي، إذ يجوز أن يكون واجباً على الإنسان في أمواله الأخر ويؤديه من الحلي، وقد ذكر أبوالطيب: هذا الاحتمال، ولم يجب عن هذا جواباً شافياً فتفكر انتهى كلام الشيخ. قلت: حمل الحنفية القائلون بوجوب الزكاة في الحلي، وعدم جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها الفقير هذا الحديث على صدقة التطوع، وبه جزم النووي من الشافعية، واستدل الطحاوي (ج١ ص٣٠٨) لذلك بما روى من طريق رائطة امرأة ابن مسعود، إنها كانت امرأة صنعاء اليدين تصنع بيديها فتبيع من ذلك فكانت تنفق على عبد الله وعلى ولده، قال فهذا يدل على أنها صدقة التطوع. واستدل أيضاً بقولها في حديث أبي هريرة عنده فأخذت حَلي، أتقرب به إلى الله عزوجل رجاء أن لا يجعلني الله من أهل النار؛ لأن الزكاة لا توجب الصدقة بكل المال، وإنما توجب الصدقة بجزء منه. واستدل لذلك أيضاً بما وقع في حديث أبي سعيد عند البخاري "زوجك وولدك أحق من أن تصدقت به عليهم" لأن الولد لا يعطي من الزكاة الواجبة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره، والأم يلزمها نفقة ولدها إذا كان أبوه فقيراً عاجزاً عن التكسب جداً عند الحنفية. ويمتنع إعطاء الصدقة الواجبة من يلزم المعطي نفقته وسيأتي الكلام على إعطاء الزكاة للزوج والولد. وما مسألة الحلي ففيها خلاف بين العلماء. فقال أبوحنيفة وأصحابه والثوري وعبد الله بن المبارك: تجب فيها الزكاة، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وعبد الله عباس وابن عمر وعائشة، وبه قال عبد الله بن شداد وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن سيرين، وجابر بن زيد ومجاهد والزهري وطاووس وميمون بن مهران والضحاك وعلقمة والأسود، وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي وذر الهمداني والأوزاعي وابن شبرمة، والحسن بن حي وابن المنذر وابن حزم وهي رواية عن أحمد كما في المغني، وهو أحد أقوال الشافعي. وذهب مالك وأحمد وإسحاق والشافعي في أظهر قوليه إلى أنها لا تجب الزكاة فيها، وروي ذلك عن ابن عمر وجابر وأنس وعائشة وأسماء رضي الله عنهم، وبه قال القاسم ابن محمد والشعبي وقتادة ومحمد بن علي وعمرة وأبوعبيد وأبوثور، قال ابن المنذر: وقد كان الشافعي قال بهذا إذا هو