بالعراق، ثم وقف عنه بمصر وقال: هذا مما استخير الله تعالى فيه ذكر المنذري في الترغيب. وقال الليث: ما كان من حلي يلبس ويعار فلا زكاة فيه، وإن اتخذ للتحرز من الزكاة ففيه الزكاة. وقال أنس بن مالك: يزكي عاماً واحداً لا غير. قال الأمير اليماني: في المسألة أربعة أقوال. الأول: وجوب الزكاة وهو مذهب الهادوية وجماعة من السلف وأحد أقوال الشافعي، عملاً بما روى في ذلك من الأحاديث. والثاني: لا تجب الزكاة في الحلية وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد أقواله، لآثار وردت عن السلف قاضية بعدم وجوبها في الحلية، ولكن بعد صحة الحديث لا أثر للآثار. والثالث: إن زكاة الحلية عاريتها. والرابع: إنها تجب فيها الزكاة مرة واحدة، رواه البيهقي عن أنس وأظهر الأقوال دليلاً وجوبها لصحة الحديث وقوته- انتهى. قلت: القول بوجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة هو الظاهر الراجح المعول عليه عندي، لعموم قوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: في الرقة ربع العشر. قال ابن قتيبة: الرقة الفضة سواء كانت الدراهم أو غيرها، نقله ابن الجوزي في التحقيق، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة، والورق يطلق على الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة يدل على ذلك ما جاء في الحديث إن عرفجة اتخذ أنفاً من ورق، وفي حديث عائشة عند أبي داود وغيره فرأى في يدي فتخات من ورق. قال الخطابي في المعالم:(ج٣:ص١٧) الطاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر، ومعه طرف من الأثر والاحتياط أداءها- انتهى. وقال ابن حزم في المحلي:(ج٦:ص٨٠) لما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرقة ربع العشر وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم وكان الحلي ورقاً وجب فيه حق الزكاة لعموم هذين الأثرين الصحيحين. وأما الذهب فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب لا يؤدي ما فيها إلا جعل له يوم القيامة صفائح من نار يكوي بها، فوجبت الزكاة في كل ذهب بهذا النص، ولم يأت إجماع قط بأنه عليه السلام لم يرد إلا بعض أحوال الذهب وصفاته، فلم يجز تخصيص شيء من ذلك بغير نص ولا إجماع. وقال: قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إيجاب الزكاة في الذهب عموماً، ولم يخص الحلي منه بسقوط الزكاة فيه، لا بنص ولا بإجماع فوجبت الزكاة بالنص في كل ذهب وفضة، ولم يجز تخصيص شيء منهما إذ قد عمهما النص، فوجب أن لا يفرق بين أحوال الذهب بغير نص، ولا إجماع. والحلي فضة أو ذهب فلا يجوز أن يقال إلا الحلي بغير نص في ذلك ولا إجماع انتهى مختصراً. وقال الرازي في تفسيره: الصحيح عندنا وجوب الزكاة في الحلي، والدليل عليه قوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية وأيضاً العمومات الواردة في إيجاب الزكاة في الحلي المباح، قال عليه السلام: في الرقة ربع العشر وغير ذلك من