١٦٦- (٢٧) وعن عبد الله بن مسعود قال: ((خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً، ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه. وقرأ {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} الآية)) .رواه أحمد، والنسائي، والدارمي.
ــ
(والترمذي) في العلم. وقال: حديث حسن صحيح (وابن ماجه) في السنة، وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وليس له علة. (إلا أنهما) أي الترمذي وابن ماجه (لم يذكرا الصلاة) أي لم يوردا أول الحديث، وهو قول العرباض:"صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، بل قالا: وعظنا، كما في المصابيح.
١٦٦- قوله: {خط لنا) أي خط لأجلنا تقريباً وتفهيماً وتعليماً لنا؛ لأن التصوير والتمثيل إنما يسلك ويصار إليه لإبراز المعاني المحتجبة، ورفع الأستار عن الرموز المكنونة؛ لتظهر في صورة المشاهد المحسوس، فيساعد فيه الوهم العقل ويصالحه عليه. (خطاً) أي مستوياً مستقيماً (هذا سبيل الله) أي هذا الدين القويم والصراط المستقيم، وهما الاعتقاد الحق والعمل الصالح، وهذا الخط لما كان مثالاً سماه سبيل الله، كذا قاله ابن الملك. قال القاري: والأظهر أن المشار إليه بهذا هو الخط المستوي، والتقدير هذا مثل سبيل الله، أو هذا سبيل الله مثلاً. وقيل: تشبيه بليغ معكوس، أي سبيل الله الذي هو عليه وأصحابه مثل الخط في كونه علىغاية الاستقامة. (ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله) أي خطوطاً منحرفة عن يمين الخط المستوى وعن شماله. (وقال: هذه) أي الخطوط (سبل) أي سبل للشيطان. (على كل سبيل) أي رأسه (منها) أي من السبل (شيطان) من الشياطين، (يدعو) ذلك الشياطين الناس (إليه) أي سبيل من السبل، وفيه إشارة إلى أن سبيل الله وسط وقصد، ليس فيه تفريط ولا إفراط، وسبل أهل البدع منحرفة عن الاستقامة وفيها تقصير وغلو. (وقرأ) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وأن هذا} بالفتح والتشديد على تقدير أتل عليهم، وقيل: على تقدير لام التعليل المتعلقة باتبعوه، أي اتبعوه لأنه مستقيم، و"هذا" إشارة إلى ما ذكر في الآيتين قبله من الأوامر والنواهي، وقيل: الإشارة إلى ما ذكر في هذه السورة أي سورة الأنعام، فإنها بأسرها في إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة. (صراطي) أي ديني وهو خبر "أن". (مستقيماً) حال مؤكدة والعامل فيها اسم الإشارة. (الآية) بعدها {ولا تتبعوا السبل} أي سبل الشياطين المنحرفة الزائغة من طرق الشرك والبدعة والضلالة. {فتفرق بكم} بحذف إحدى التائين منصوب بإضمار "أن" بعد الفاء في جواب النهي. {عن سبيله}[١٥٣:٦] . إشارة إلى أنه لا يمكن اجتماع سبيل الحق مع السبل الباطلة، وفيه أن أصحاب سبيل الحق والصراط المستقيم هي الفرقة الناجية، وأصحاب السبل المنحرفة هي الفرق الغير الناجية. (رواه أحمد والنسائي والدارمي) وأخرجه أيضاً الحاكم وقال: صحيح. وعبد ابن حميد، والبزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وله شاهد من حديث جابر عند أحمد، وابن ماجه، والبزار.