١٦٧- (٢٨) وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)) . رواه في شرح السنة، وقال النووى في أربعينه: هذا حديث صحيح، رويناه في "كتاب الحجة" بإسناد صحيح.
ــ
١٦٧- قوله:(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه) أي ميل نفسه (تبعاً لما جئت به) هذا محمول على نفي أصل الإيمان، أي حتى يكون تابعاً مقتدياً لما جئت به من الدين والشرع عن الاعتقاد، لا عن الإكراه وخوف السيف كالمنافقين. وقيل: المراد نفي الكمال، أي لا يكمل إيمان أحدكم حتى يكون في متابعة الشرع وموافقته له كموافقته لمألوفاته، فيستمر على الطاعة من غيركلفة وكراهية، وذلك عند ذهاب كدر النفس، وبقاء صفوتها، وهذه حالة نادرة إلا في المحفوظين من أوليائه. وقيل في معناه: حتى يحب ما أمر به ويكره ما نهى عنه، أي يقدم الشرع على هواه. (رواه) أي البغوى (في شرح السنة) بإسناده. (وقال النووى) بالقصر. قال القاري: ويجوز المد، نسبة إلى نوى قرية من أعمال دمشق، وهو أبوزكريا محي الدين يحيى بن شرف الحزامي - بكسر الحاء المهملة وبالزاى-، نسبة إلى حزام أحد أجداده. ولد في أوائل المحرم سنة (٦٣١) . كان عالماً فاضلاً متورعاً، فقيهاً محدثاً ثبتاً حجة، له تصانيف كثيرة مشهورة، وتأليفات عجيبة مفيدة، في الفقه مثل الروضة، وفي الحديث مثل الرياض والأذكار، وفي شرحه مثل شرح مسلم، وغير ذلك من معرفة علوم الحديث واللغة، سمع من المشائخ الكبار، ومنه خلق كثير، وأجاز رواية شرح مسلم والأذكار لجميع المسلمين، نشأ بقريته نوى، وحفظ الختمة، وقدم دمشق سنة (٦٥٠) وله تسع عشرة سنة، فتفقه وبرع، وكان خشن العيش، قانعاً بالقوت، تاركاً للشهوات، صاحب عبادة وخوف، وكان قوالاً بالحق، كبير الشأن، كثير السهر، مكباً على العلم والعمل، مات في رجب سنة (٦٧٦) وعاش (٤٥) سنة، وقد بسط ترجمته الذهبي في تذكرة الحفاظ (ج٤: ص٢٥٩، ٢٦٤) ، فمن شاء فليرجع إليه. (في أربعينه) أي الأربعين حديثاً الذي صنفه. (هذا حديث صحيح، رويناه) بصيغة المجهول (في كتاب الحجة بإسناد صحيح) أي رواه لنا صاحب كتاب الحجة، وهو الشيخ أبوالفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي الفقيه الزاهد نزيل دمشق، وكتابه هذا، هو "كتاب الحجة على تاركى سلوك طريق المحجة"، يتضمن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة. والحديث أخرجه أيضاً الحافظ أبونعيم في كتاب الأربعين، والطبراني، وأبوبكر بن عاصم الأصبهاني، والحكيم الترمذي، وأبونصر السجزى في الإبانة وقال: حسن غريب. والخطيب، ونسبه الشيخ الألباني للحسن بن سفيان، وابن عساكر، قال: أخرجاه في أربعينهما. وقد تعقب الحافظ ابن رجب على النووي في تصحيح الحديث، فقال: تصحيح الحديث بعيد جداً من وجوه، ثم ذكرها، إن شئت الوقوف عليها فارجع إلى شرحه لأربعين النووى (ص٢٨٢) .