وليلته. صدقة الفطر واجبة على من قدر عليها، ولا يعتبر في وجوبها نصاب، وبهذا قال أبوهريرة وأبوالعالية والشعبي وعطاء وابن سيرين والزهري ومالك وابن المبارك والشافعي وأبوثور. وقال أصحاب الرأي: لا تجب إلا على من يملك مائتي درهم أو ما قيمته نصاب فاضل عن مسكنه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا صدقة إلا عن ظهر غني (أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعاً) والفقير لا غنى له فلا تجب عليه كمن لا يقدر عليها، ولنا ما روى ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أدوا صدقة الفطر- الحديث. وفيه غنى أو فقير. أما غنيكم فيزكيه الله. وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى. والذي قاسوا عليه عاجز فلا يصح القياس عليه وحديثهم محمول على زكاة المال - انتهى. وقال الشوكاني في النيل: قد اختلف في القدر الذي يعتبر ملكه لمن تلزمه الفطرة فقال أبوحنيفة وأصحابة: أنه يعبر أن يكون المخرج غنياً غنى شرعياً، واستدل لهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى (أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعاً) وبالقياس على زكاة المال. ويجاب بأن الحديث لا يفيد المطلوب؛ لأنه بلفظ: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى كما أخرجه أبوداود - انتهى. قلت: وأخرجه البخاري أيضاً بهذا اللفظ وهو مشعر، بأن النفي في رواية أحمد للكمال، لا للحقيقة. فالمعنى لا صدقة كاملة إلا عن ظهر غني. قال الشوكاني: وأما الاستدلال بالقياس فغير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق، إذ وجوب الفطرة متعلق بالأبدان. والزكاة بالأموال. وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: إنه يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكاً لقوت يوم وليلة. لما روى أنه طهرة للصائم ولا فرق بين الغني والفقير في ذلك. ويؤيد ذلك ما روى من تفسيره صلى الله عليه وسلم من لا يحل له السؤال بمن يملك ما يغديه ويعشيه وهذا هو الحق، لأن النصوص أطلقت ولم يخص غنياً ولا فقيراً ولا مجال للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكاً له ولاسيما والعلة التي شرعت لها الفطرة موجودة في الغني والفقير وهي التطهرة من اللغو والرفث واعتبار كونه وأجد القوت يوم وليلة أمر لابد منه، لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم كما أخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر مرفوعاً وفيه: أغنوهم في هذا اليوم وفي رواية للبيهقي: أغنوهم عن طواف هذا اليوم، وأخرجه أيضاً ابن سعد في الطبقات من حديث عائشة وأبي سعيد فلو لم يعتبر في حق المخرج ذلك لكان ممن أمرنا بإغناءه في ذلك اليوم، لا من المأمورين بإخراج الفطرة وإغناء غيره. وبهذا يندفع ما اعترض به صاحب البحر عن أهل هذه المقالة من أنه يلزمهم إيجاب الفطرة على من لم يملك إلا دون قوت اليوم ولا قائل به - انتهى كلام الشوكاني. (على العبد) ظاهره إخراج العبد عن نفسه ولم يقل به إلا داود. فقال يجب على السيد إن يمكن العبد من الاكتساب لها كما يجب عليه أن يمكنه من الصلاة وخالفه أصحابة والناس. واحتجوا بحديث أبي هريرة مرفوعاً: ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر أخرجه، مسلم ومقتضاه إنها ليست عليه بل على سيده. ثم افترقوا