فرقتين فقالت طائفة: تجب على السيد ابتداء، وكلمة "على" بمعنى عن وحروف الجر يقوم بعضها مقام بعض وقال آخرون: تجب على العبد ثم يحملها سيده عنه فكلمة الاستعلاء جارية على ظاهرها وقال القاضي البيضاوي: جعل وجوب زكاة الفطر على السيد كالوجوب على العبد مجازاً، إذ ليس هو أهلاً، لأن يكلف بالواجبات المالية، ويؤيد ذلك عطف الصغير عليه. ولفظ "العبد" يعم عبد التجارة وغيره فتجب على السيد عن عبيده سواء كانوا لتجارة أو لغير تجارة، وإليه ذهب الأئمة الثلاثة خلافا لأبي حنيفة والنخعي وعطاء. قال ابن قدامة: فأما العبيد فإن كانوا لغير التجارة فعلى سيدهم فطرتهم لا نعلم فيه خلافاً، وإن كانوا للتجارة فعليه أيضاً فطرتهم، وبهذا قال مالك والليث والأوزاعي والشافعي وإسحاق وابن المنذر. وقال عطاء والنخعي والثوري وأصحاب الرأي: لا تلزمه فطرتهم؛ لأنها زكاة ولا تجب في مال واحد زكاتان وقد وجبت فيهم زكاة التجارة، فيمتنع وجوب الزكاة الأخرى. ولنا عموم الأحاديث. ولأن نفقتهم واجبة فوجبت فطرتهم كعبيد القنية، أو نقول مسلم تجب مؤنته فوجبت فطرته كالأصل وزكاة الفطر تجب على البدن، ولهذا تجب على الأحرار وزكاة التجارة عن القيمة وهي المال - انتهى. (والذكر والأنثى) ظاهر وجوبها على المرأة سواء كان لها زوج أم لا، وبه قال الثوري وأبوحنيفة وابن المنذر. وقال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق تجب على زوجها إلحاقاً بالنفقة، وفيه نظر، لأنهم قالوا: إن أعسر وكانت الزوجة أمة وجبت فطرتها على السيد بخلاف النفقة فافترقا. واتفقوا على أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة مع أن نفقتها تلزمه. وإنما احتج الشافعي بما رواه من طريق محمد بن علي بن الباقر مرسلاً نحو حديث ابن عمر، وزاد فيه ممن تمونون. وأخرجه البيهقي من هذا الوجه فزاد في سنده ذكر على وهو منقطع أيضاً. وأخرجه من حديث ابن عمر وإسناده ضعيف كذا في الفتح. وقال ابن قدامة:(ج٣ ص٦٩) في شرح قول الخرقي "ويلزمه أن يخرج عن نفسه وعن عياله" عيال الإنسان من يعوله أي يمونه فتلزمه فطرتهم كما تلزمه مؤنتهم، ذا وجد ما يؤدي عنهم لحديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض صدقة الفطر عن كل صغير وكبير وحر وعبد ممن تمونون. والذين يلزم الإنسان نفقتهم وفطرتهم ثلاثة أصناف. الزوجات، والعبيد، والأقارب. فأما الزوجات: فعليه فطرتهن، وبهذا قال مالك والشافعي وإسحاق. وقال أبوحنيفة والثوري وابن المنذر لا تجب عليه فطرة امرأته وعلى المرأة فطرة نفسها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى، ولأنها زكاة فوجبت عليها كزكاة مالها. ولنا الخير ولأن النكاح سبب تجب به النفقة فوجبت به الفطرة كالملك والقرابة بخلاف زكاة المال فإنها لا تتحمل بالملك والقرابة قال: وإن نشزت المرأة في وقت الوجوب ففطرتها على نفسها دون زوجها، لأن نفقتها لا تلزمه. واختار أبوالخطاب: إن عليه فطرتها لأن الزوجية ثابتة عليها فلزمته فطرتها والأول أصح، لأن هذه ممن لا تلزمه مؤنته فلا تلزمه فطرته كالأجنبية، وكذلك كل امرأة لا يلزمه نفقتها كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه. والصغيرة التي لا يمكن