أو الفاصلة. وقال ابن دقيق العيد (ج٢ ص٢٠٠) : قد كانت لفظة الطعام تستعمل في البر عند الإطلاق حتى إذا قيل: أذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق البر، وإذا غلب العرف بذلك نزل اللفظ عليه، لأن ما غلب إطلاق اللفظ عليه فحطورة عند الإطلاق أقرب فينزل اللفظ عليه. قال الخطابي: وزعم الآخرون إن هذا جملة قد فصلت، والتفصيل لا يخالف الجملة. وإنما قال. في أول الحديث صاعاً من طعام، ثم فصله. فقال: صاعاً من أقط أو صاعاً من شعير أو كذا أو كذا، واسم الطعام شامل لجميع ذلك - انتهى. وقال القاري: قال علماءنا: إن المراد بالطعام المعنى الأعم لا الحنطة بخصوصها، فيكون عطف ما بعده عليه من باب عطف الخاص على العام، واستدركه الكرماني فقال: لكن هذا العطف إنما هو فيما إذا كان الخاص أشرف وهذا بعكس ذلك. قال الحافظ: وقد رد ذلك أي حمل الطعام على البر ابن المنذر. وقال: ظن أصحابنا إن قوله في حديث أبي سعيد صاعاً من طعام حجة لمن قال صاعاً من حنطة وهذا غلط منه، وذلك إن أباسعيد أجمل الطعام ثم فسره، ثم أورد طريق حفص ابن ميسرة عند البخاري وغيره، إن أباسعيد قال: كنا نخرج في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر صاعاً من طعام. قال أبوسعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر وهي ظاهرة فيما قال. وأخرج الطحاوي نحوه من طريق أخرى. وقال: فيه "ولا يخرج غيره" وفيه قوله فلما جاء معاوية وجاءت السمراء دليل على أنها لم تكن قوتاً لهم قبل هذا، فدل على أنها لم تكن كثيرة ولا قوتاً فكيف يتوهم أنهم أخرجوا ما لم يكن موجوداً - انتهى كلامه. وأخرج ابن خزيمة من طريق فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال: لم تكن الصدقة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة، ولمسلم من وجه آخر عن عياض عن أبي سعيد كنا نخرج من ثلاثة أصناف صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، وكأنه سكت عن الزبيب في هذه الرواية لقلته بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة. وهذه الطرق كلها تدل على أن المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة، فيتحمل أن تكون الذرة فإنه المعروف عند أهل الحجاز الآن وهي قوت غالب لهم، وقد روى الجوزقي من طريق ابن عجلان عن عياض في حديث أبي سعيد صاعاً من تمر، صاعاً من سلت أو ذرة - انتهى كلام الحافظ. وأجاب البرماوي عن رواية حفص بن ميسرة بأن الطعام فيها محمول على معناه اللغوي الشامل لكل مطعوم. قال: فلا ينافي تخصيص الطعام فيما سبق بالبر؛ لأنه قد عطف عليه الشعير وغيره فدل على التغاير، وهذا كالوعد فإنه عام في الخير والشر، وإذا عطف عليه الوعيد خص بالخير وليس هو من عطف الخاص على العام، نحو فاكهة ونخل ورمان وملائكته وجبريل. فإن ذلك إنما هو فيما إذا كان الخاص أشرف وهنا بالعكس. وقال الكرماني: فإن قلت قوله قال أبوسعيد: وكان طعامنا. الخ مناف لما تقدم من قولك إن الطعام هو الحنطة ثم أجاب بقوله: لا نزاع في أن الطعام بحسب اللغة عام لكل إنما البحث فيما يعطف عليه الشعير وسائر الأطعمة